أحمد الرحال – حرية برس:
كثيراً ما نشاهد أشخاصاً يستطيعون محو الظلام بأيديهم، ولكن القليل منهم من يضيء دربه بشعلة الأمل محاولاً بث روح التفاؤل لدى الآخرين ومواجهاً كافة التحديات ومصاعب الحياة، وخاصةً إذا كانت الحياة أشبه بمخيمٍ تعيش بداخله منذ سنين.
’’طوق الياسمين‘‘ هو نتاج شباب في مخيم الزعتري أرادوا وضع بصمة لهم في عالم الفن في ظل الظروف المادية والمعيشية التي تواجه معظم قاطني المخيم، ولفت الأنظار إلى الإبداع الكامن لدى هؤلاء الشباب، حتى وأن تم تهجيرهم من بلدهم هرباً من آلة الإجرام.
ويتألف فريق ’’طوق الياسمين‘‘ من عدد من الفنانين في مختلف المجالات الفنية، من رسم ونحت وخط وغيره من المهارات حسب طبيعة عمل الفريق، ومعظم أعماله مبادرات تطوعية ومنها مبادرات لتدريب الأطفال على الرسم من خلال ورش فنية تدوم شهر أو أكثر وفي نهاية كل ورشة نقوم بالتنسيق على معرض لهذه الأعمال، كما أن هناك مبادرة للرسم داخل الكرافانات تحت عنوان ’’بيتك معنا احلا‘‘.
ويقول الفنان التشكيلي ’’محمد العماري‘‘ ومدير فريق طوق الياسمين لحرية برس: ’’قمت بتأسيس طوق الياسمين للمبادرات المجتمعية لفئة الاطفال مع عدة أشخاص بذات الموهبة في المخيم، وأردت نقل خبرتي الفنية إلى هذا الجيل ليكتسبوا مهارات فنية وتربوية وليكون الفن وسيلة علاج لهم من مخاطر اللجوء والحياة في الغربة من تشرد وعنف والزواج مبكر وعمالة الأطفال‘‘.
وعن مشروع إعادة التدوير الذي قام به فريق ’’طوق الياسمين‘‘ منذ تأسيسه عام 2014 يضيف ’’العماري‘‘ قائلاً: أنه جاء لتأمين اللوحات الفنية التي تستخدم في الورش التطوعية لجميع فئات المجتمع السوري اللاجئ في مخيم الزعتري من خلال تحويل قماش خيم اللجوء وألواح الخشب السوداء المجهزة لتكون قاعدة للبيوت المؤقتة (الكرافانات)، حيث قمنا بتحويلها إلى لوحات يُرسم عليها الأمل والحب والسلام، فأننا بالأمل نحيا وبالفن نغير الحياة، وهذا ما جمعنا لنشكّل فريقاً واحداً.
حيث قام الفريق بتنسيق معارض كثيرة في الأردن وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا، وشارك عدة مرات بمعارض يعود قسم من المبيع إلى المتضرر سواء كان طفلاً متشرد أو مريض.
ومع بداية القدوم إلى مخيم الزعتري عانى شباب الفريق من صعوبة بالعثور على المواد الفنية، وذلك نتيجة الظروف السيئة التي واجهتهم في البداية، فبعضهم من أتى بألوانه من سوريا فقط والبعض الآخر من استطاع جلب لوحاته، وبعد فترة من الإقامة بدأوا الرسم على قماش الخيم الموجودة في المخيم وقاموا بشراء الأدوات من المناطق القريبة منهم، حيث تمكنّوا من إنشاء أول معرض فني لهم بإحدى صالات المنظمات بالمخيم وكانت أكثر الأعمال منفذة على القماش وصناديق الكرتون التي تحفظ المواد الغذائية والتي توزعها المفوضية على اللاجئين.
ويشير ’’العماري‘‘ إلى أنه بالرغم من ضيق الظروف المادية والمعيشية، لكننا نحاول تخطي جميع الصعوبات للاستمرار في ممارسة الفن ونقله إلى جميع الهواة والراغبين بتعلمه، انطلاقاً من فكرة الفن رسالة والفن للجميع، لما فيه من أهمية في تنمية مهارات الإنسان والتركيز على الثقافة لبناء مستقبل أجمل يليق بجميع الناس ورسالة سلام ومحبة لجميع سكان هذا الكوكب.
من جانبه، يقول ’’محمد خير الجوخدار‘‘ أحد مؤسسي ’’طوق الياسمين‘‘ لحرية برس: تم تشكيل فريق ’’طوق الياسمين‘‘ منذ أكثر من سنتين ونصف، حيث كانت فكرة عابرة أثناء جلسة مع زملائي من الفنانين لنشكّل فريقاً يضُمنا جميعاً مع من يرغب بالانضمام إليه.
وأقام ’’الجوخدار‘‘ عدة دورات للأطفال في المخيم، ومنها مبادرة شخصية في صالون الحلاقة لديه وهو مكان صغير يعطي فيه دروساً لعدد من الأطفال والشباب بالرسم، كما يعمل الأن على مبادرة في منظمة ’’ميرسي كور‘‘ لتدريب الاطفال على الرسم.
وشارك ’’الجوخدار‘‘ في عدة معارض في أمريكا وبريطانيا، وبدأ بالرسم منذ صغره في مدينة حمص، كما اشترك عام 2010 في معرض دمشق الدولي ومعرضان في المركز الثقافي بدرعا، وأيضاً مع فريق ’’طوق الياسمين‘‘ في معرض طوابع الأمل 1 في مدينة عمان الأردنية، وطوابع الأمل 2 في بريطانيا، حيث أقيم المعرضان تحت رعاية منظمة ’’سوريات عبر الحدود‘‘.
ويعتبر مخيم الزعتري أكبر مخيم للاجئين في الشرق الأوسط، ويضم ما يزيد عن 80 ألف لاجئ سوري، فروا من آلة الإجرام التي يمارسها نظام الأسد بحقهم، وسط مساعٍ من المنظمات الحقوقية لاستثمار مهاراتهم وتوظيف خبراتهم.
للمزيد من الصور حول: (فنون إبداعية من مخيم الزعتري تتحدى معاناة اللجوء)
عذراً التعليقات مغلقة