يعرف المتتبع للأحداث في سوريا تماماً أن نظام الإجرام الأسدي لا يتفوه بكلمة واحدة إلا ويعلم ما ستفضي إليه. في بداية الأحداث وعندما كانت الثورة سلمية أطلق نظام الأسد المجرم عبارة إرهابيين وكثيراً من المصطلحات الغير واقعية حينها والتي تدعو للسخرية و الضحك. واعتبرنا أن النظام يتخبط وأصبح يهذي من الضربة التي تلقاها بانفجار الثورة. والمتتبع لإعلام النظام يعرف تماماً كيف يستفيد ويستغل أي كلمة تصب في خانة مواقفه الإجرامية ولو كانت صادرة عن بلاد الواق واق.
لكن الذي تعرى وبدى جلياً أمام الجميع ومن خلال المواقف الدولية ودعمها اللامحدود للإجرام الأسدي ضد الشعب السوري الثائر أن نظام الأسد على علاقة وثيقة مع المطبخ العالمي السري والذي تصدر عنه كل الخلطات السياسية في العالم. فكل كلمة تفوه بها حولوها إلى واقع ملموس.
فالأمريكان هم من اخترع “داعش” وحول المشهد من ثورة إلى إرهاب، وهم أيضا الذين منعوا دخول أي سلاح نوعي للثوار.. في حين تركوا الحبل ممدوداً على الغابر للروس والإيرانيين ليذيقوا السوريين كل أنواع الموت وبكافة أنواع الأسلحة سواء التقليدية أو المحرمة دوليا اعتباراً من الفوسفوري والنابالم وغيرها وقتل أكثر من نصف مليون سوري، ولم يهتز شعرة للضمير العالمي لذلك.
في حين على الضفة الأخرى تعتبر السكين الفلسطينية سلاحاً محرماً دولياً لأنه يستخدم ضد الصهاينة، والدهس هو سلاح محرم دولياً لأنه يستخدم ضد الأوربيين، إلا أن لهذا الباب بحث آخر ولا حاجة للغور فيه أكثر من ذلك.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا أكد الرئيس الامريكي السابق أوباما مراراً وتكراراً أن استخدام السلاح الكيماوي خط أحمر؟.. ومن ثم قام النظام الأسدي المجرم بارتكاب هذه الحماقة السياسية.. والتي لم تتوقف عند الجريمة الأولى بل استمرت وتكررت مرة تلو الأخرى. الخطوط الحمراء ترسم وتبنى وبالمقابل النظام الأسدي المجرم يتجاوز تلك الخطوط ضارباً بعرض الحائط القوانين الدولية والهيبة الأمريكية.
قد يقول قائل إن الرسالة التي أراد ايصالها نظام الأسد المجرم من جريمته الأولى في الغوطة والتي راح ضحيتها أكثر من ألف شهيد هي رسالة تعجيز للإرادة السورية، فلا خطوط حمراء أمام قتلكم أيها السوريون وأنا لا يوقفني لا مجلس أمن ولا حتى أمريكا. لكن لا يوجد مبرر أو تفسير لكي تستمر اللعبة على نفس الوتيرة من السخرية واللعب.. المجتمع الغربي يرسم الخطوط الحمراء ونظام الأسد وحلفاؤه يتجاوزونها بلا أدنى مبالاة.
أما جريمة الأسد الأخيرة في دوما بالكيماوي وهذا التصعيد العالمي وهذه المسرحية الهزلية في مجلس الأمن ما هي إلا تغطية على جريمة كبرى حصلت بالغوطة وهي جريمة تهجير أهلها قسراً في محاولة للتغيير الديموغرافي فيها. والتفسير الوحيد لهذه الحالة المتناقضة أن نظام الأسد المجرم لا يملك أي قرار سياسي أو عسكري لا في الأرض ولا في السماء، وأن الذين جاؤوا لإنقاذه هم أنفسهم سيغرقونه بالدم الذي استباحه.. لكن في اللحظة التي تناسبهم وتناسب مصالحهم وليس شيئاً آخر.
فهل حان إغراق الأسد المجرم والخلاص منه بعد أن أدى مهمته على أكمل وجه؟ وظهور أمريكا بالوجه الأبيض أمام العالم؟ أم أن اللعبة الساخرة ستستمر أكثر و أكثر؟ الساعات القادمة قد تكون حبلى بكثير من الإجابات.
عذراً التعليقات مغلقة