مالك الخولي – حرية برس:
مع مرور عام على مجزرة السارين في خان شيخون، التي ارتكبتها طائرات نظام الأسد وراح ضحيتها نحو 100 شهيد، وتوجيه الولايات المتحدة أول ضربة عسكرية ضد الأسد بقصف مطار الشعيرات الذي انطلقت الطائرات منه، يبدو المشهد السوري أكثر تعقيداً، بدءاً بتقييد المعارضة العسكرية باتفاقيات خفض التصعيد وسيطرة الأسد بدعم روسي وإيراني غير محدود على مساحات واسعة من الأراضي المحررة، لا سيما الغوطة الشرقية أبرز معاقل الثورة السورية قرب العاصمة والتي تستمر عملية تهجير أهلها نحو الشمال السوري، ومن ثم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته سحب قوات بلاده من سوريا “وتركها للآخرين للاعتناء بها”.
وتزامنت ذكرى مجزرة السارين مع استضافة أنقرة لقمة جمعت رؤساء تركيا وروسيا وإيران، كان الملف السوري أبرز القضايا المطروحة فيها.
وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه التركي والروسي، انتهاء الحرب في سوريا، سارعت دول غربية هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى التأكيد على ضرورة محاسبة مرتكبي مجزرة السارين في خان شيخون، مشيرة إلى مسؤولية روسيا في استمرار تلك الهجمات.
وقال البيان إن “روسيا تعهدت في 2013 بضمان تخلي نظام الأسد عن أسلحته الكيميائية. ومنذ ذلك الوقت خلص محققون دوليون مكلفون من قبل مجلس الأمن في الأمم المتحدة إلى مسؤولية نظام الأسد عن استخدام الغاز السام في أربع هجمات مختلفة”، وأضاف أنه بدلاً من تنفيذ تعهدها فإن روسيا استخدمت حق النقض في مجلس الأمن لوقف التحقيق الأممي.
تلويح بالمحاسبة
ويرى الكاتب والمعارض السوري غسان المفلح أن ترامب إذا ما أراد إبقاء تلك المنطقة أمريكية فسيتم له ذلك ولن يقترب منها أحد -إلا في حال دفع تنظيم داعش للظهور مجدداً- ويرجح المفلح أن ترامب لن يخرج من سوريا، وأن بيان خارجيات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا في ذكرى مجزرة خان شيخون يتقاطع مع هذا السياق.
ويؤكد المفلح أن بيان الدول الأربعة هو رسالة للدول الراعية لعملية أستانة وروسيا بالتحديد، لكنها أيضاً تاتي في سياق التعنت الروسي بقضية محاولة اغتيال الجاسوس سكريبال وابنته، ومطالبة موسكو لبريطانيا بالاعتذار رسمياً من موسكو على الإتهام وعلى ما تم من خطوات ضد روسيا.
ويشير المفلح إلى أن البيان يشكل تهديداً لإيران لأنها في حال خسر الأسد أو تخلخلت الحسابات بشكل نوعي فستكون هي أكبر الخاسرين، لكنه في الوقت ذاته يرى أن البيان هو تلويح بالمحاسبة وليس خطوة أولى على هذا الطريق، وفي هذا السياق يشير إلى أن الطرف الوحيد من بين مجموعة أستانة الذي صرح بأنه يمكن اعتبار الحرب في سوريا انتهت هو ايران. ومن جهة أخرى يرى أن البيان نفسه يقوي من موقع أردوغان داخل “الثلاثي الأستاني”.
السوريون متروكون لوحدهم
من جهته يرى الناشط السياسي السوري حسين السيد أن بيانات الغرب بشأن السوريين تشابه إلى حد كبير بيانات حلف المقاومة والممانعة، وأنه في ظل تعطيل مجلس الأمن طوال السنوات السبع السابقة وفي ظل خذلان السوريين من قبل المجتمع الدولي لم يعد هناك من تعويل إلا على أنفسهم.
ويعتقد رئيس المجلس الأعلى لقيادة الثورة سابقاً أن أولى الخطوات نحو ذلك يجب أن تكون العمل على استقلالية القرار السياسي بعيداً عن جميع الارتهانات السابقة، ويستطرد أن الأمر ليس بسيطاً أو سهلاً ولكنه لن يكون مستحيلاً، فمن صمد طوال هذه السنوات في وجه فائض القوة من الدول الكبرى سيستطيع قريباً التخلص من العلق وأدران الإرتهان الذي حرف الثورة عن مسارها الحقيقي.
ويضيف السيد: ما دام هناك سوري واحد ينادي بمحاكمة المجرم وأفراد عصابته فمحاسبته ستبقى قائمة، فما بالك بعوائل وأولاد أكثر من مليون شهيد ومليون معاق وملايين ممن دمر الأسد بيوتهم وهتك أعراضهم وحرمهم من أبسط سبل الحياة،
ويعتبر أن ثأر الشعب السوري من الأسد وعصابته لن ينتهي وسيستمر حتى بلوغ الهدف بإسقاط حكمه الاجرامي المستبد، وأن الثورة السورية ستستمر حتى بلوغ أهدافها حتى لو أمتد الصراع سنوات وسنوات، ويقول: لئن حسمت بعض المعارك العسكرية لصالح الأسد بقوة التدخل الروسي والتواطؤ الأمريكي والرضا العربي ودول أخرى لصالحه، فالمعركة لم ولن تنتهي على جميع المستويات والصعد الأخرى إلا بزواله مع أركان عصابته وإلى غير رجعة، معركة الشعب السوري مع تلك العصابة معركة وجود.
عذراً التعليقات مغلقة