يقولون إن خفة الدم نعمة. الرجل المرح الذي يمتلك ناصية الفكاهة يستطيع أن يُدْخِل السعادة إلى نفوس الناس الموجودين حوله، مثل صديقنا (أنور سين) الذي كان يتمنّى لو أن المرحوم أباه سماه (الغضنفر)، بدلاً من أنور، ووقتها سيكون مرهوب الجانب لأن غضنفر من أسماء حيوان الأسد المفترس.. ويضحك ويقول لجلاسه مصححاً:
– قصدي مثل الليث المفترس.. لأن الأسد حيوان حباب وآدمي وهو.. قائد خالد! (يقول الجملة الأخيرة بصوت منخفض) فيضحكون. وبعد أن يصفوا ضحكاتهم يقول له أحد أصدقائه:
– أنور أرجوك.. قلل من الغمز واللمز على الزلمة (يقصد حافظ الأسد)… إذا بيطلع لك ابن حرام بينفضك تقرير للمخابرات والله بتروح فيها، وبدل الضحك ممكن تبكي.
فيقول: أي والله صحيح. جزاك الله كل الخير، المشكلة إني أنا لما بتطلع معي النكتة ما بحسن أخبيها.
والحقيقة أن أنور قد وقع، أخيراً، في شر أعماله. وخفة دمه لم تكن نعمة، بل نقمة عليه. ففي أوائل التسعينيات من القرن العشرين… أُوْدِعَ، لمدة خمس سنوات ونيف، في سجن تدمر ذي الصيت السيئ، بتهمة تحقير القائد المفدى، الرئيس المناضل، بطل الصمود والتصدي، حافظ الأسد.
وجاء في التقرير الأمني الذي كتبه مُخبر متطوع، أنه، أي المخبر، كان يسهر في مطعم “النقابات المهنية”، وبالمصادفة كانت بجواره مجموعة من الشبان، يتناولون الطعام، وأمامهم كؤوس من عرق الريان، كان أحدهم، وهو المدعو (أنور سين) ينكت، والآخرون يضحكون..
وفي نشوة السُّكْر، يا سيدي العقيد، وذروة العربدة، روى أنور لرفاقه نكتة ذكر فيها اسم القائد المفدى حافظ الأسد هكذا، من دون ألقاب، وكأنه زميله في الدورة العسكرية، ملخصها أن القائد، بعد أن ألقى خطاباً حث فيه المواطنين على إصلاح الحنفيات التي تنقط في الأماكن العامة، لئلا تهدر مياه عين الفيجة، أصبح شغله الشاغل إجراء جولات تفتيشية على دورات المياه في القصر الجمهوري، وكلما عثر على حنفية تنقط كان يعلق مشنقة العامل الذي أهملها، إلى أن جاءت السيدة الأولى إليه، وقالت له:
– يا حافظ إذا بقيت تشتغل على هذا المنوال ما رح نلاقي عامل يشتغل عندنا في تنظيف دورات المياه..
فقال لها: طيب، خلص، بكرة منفكر بحدا نعلق مشنقته غير عمال دورات المياه ومراقبي الحنفيات! بس بالأول لازم نعمل مهرجان خطابي، منشان المصداقية. يا ابني يا خالد، احكي مع إسكندر لوقا، خليه يعمل لي خطاب كَيِّسْ.
وجاء في التقرير أن هذه النكتة “الخبيثة” أحدثت بين السكرانين موجة كبيرة من الضحك على شخص القائد العظيم، باني سورية الحديثة، بطل التشرينين، تشرين التصحيح وتشرين التحرير.. حتى إن أحد السكارى أغمي عليه من شدة الضحك، واضطروا لنقله إلى المشفى بحالة إسعاف!!
Sorry Comments are closed