كل ثورات العالم قديمها وحديثها بدأت وانتهت حاملة اسماً واحداً ألا وهو (ثورة)، إلا الثورة السورية حق لها أن تحمل كل اسم يرمز للانتفاض بوجه الظلم، ويحق لها أن تحمل اسم كل شهيد باع دنياه ليشتري رضا خالقه، ويحق لها أن تحمل اسم كل طفل أخافه صوت طائرة وأيقظته قذيفة من نومه، ويحق لها أن تحمل اسم كل خنساء أدمى عينيها فراق فلذات كبدها.
ليست كل الثورات كثورة الشعب السوري، فسبع سنين وشعب يواجه الإنس والجن كفيلة بأن تجعل حضارات تندثر وتنشأ غيرها، ولكنها أريد لها أن لا تكون مجرد ثورة قد تختفي بعد مدة بل عجز التاريخ أن يسجل أحداثها وعجز أولئك الذين نبذتهم وطردتهم من رحمتها أن يدفنوها تحت أوساخهم وعجزت أفواههم أن تطفئ شعلتها، حتى شبّه لهم بأن نارها قد انطفأت فكيف قد تخبو نار أوقدت في صميم كل حرّ وما زالت جذوتها متقدة رغم كل الرماد الذي حاول أن يغطيها.
سبع سنين وكلّ مولود فيها زرع في داخله بذرة الحرية ومحال أن ينتهي الليمون، فالأجيال القادمة أوفر حظاً من سابقتها، فمن تربى على طعم الحرية لن يستسيغ مرارة الظلم ومهما عصف بهذه الأشجار لن يقتلع إلا المريضة والضعيفة منها لتبقى القوية.
كل الثورات ليست كثورة الشعب السوري فعندما يقف البشر والحجر والطير والشجر بوجه كومة من قذارة العالم لا بدّ أن يكون حاملاً لبّ الثورة وليس قشورها.
سبع سنين كافية أن تقنع كل مشكّك بشرعية هذه الثورة وليس كثرة محاربيها إلا دليل آخر على قوتها والخوف من تأثيرها ومحوها لكل الثورات الزائفة التي صنعها بعض الطغاة ليتخذوها مطية ليقودوا شعوبهم كالعبيد.
لم يذكر التاريخ ولم تشهد الأعين أن شعباً تكالبت عليه الأمم استطاع أن يبقى صامداً كل هذه المدة، وليس تباطؤ نبض الثورة دليلاً على موتها فما هي إلا أعراض جانبية سرعان ما تزول، عندها ستعود أقوى مما كانت عليه وستكون الأخطاء دروساً تاريخية دفع ثمنها غالياً.
سبع سنين والشعب تنتابه في اليوم آلاف الأفكار أكثرها مشوبة باليأس وقليلها يحرك الأمل وغالباً ما ينتصر قليلها على كثيرها ويبقى صوت من يرى خيراً في هذه الثورة أعلى بكثير من أصوات أولئك الذين يرمونها بسهامهم وسمومهم.
لن ينتصر الباطل مهما طال به الزمن ولا بدّ للحق أن يدمغه، كلّ يعرف هذه الحقيقة ولا تحتاج إلا إلى إيمان بها فلن يخذل الله شعباً ذاق كلّ أنواع العذاب ولا زال صامداً.
عذراً التعليقات مغلقة