* محمد أمين
يعيد إعلان مليشيا “الحرس القومي العربي” مقتل مواطن جزائري كان أحد قادة التنظيم في سورية، تسليط الضوء على مقاتلين عرب استطاع النظام إغراءهم لينضموا إلى مليشيات ترفع شعارات القومية العربية وتقاتل إلى جانبه. وأعلنت مليشيا تُسمّى “الحرس القومي العربي”، يوم الأحد (15 مايو/أيار) عن مقتل حسين عيسى (أبو عدي)، ووصفته بـ”القائد”، مشيرةً على صفحتها على موقع فيسبوك إلى أنه قتل مع شخص آخر يدعى محمد خير علي عثمان. وقالت المليشيا إنهما “ارتقيا خلال التصدي للمشروع الصهيوتكفيري، وعلى درب فلسطين”.
واعترفت المليشيا أن عيسى قُتل أثناء الهجوم الأخير على مدينة داريا جنوب غرب دمشق، حيث حاولت قوات النظام مدعومة بمليشيات اقتحام المدينة، إلا أنها جوبهت بمقاومة شرسة من قبل المعارضة السورية أفشلت الهجوم، وقتلت عدداً من هذه القوات بينهم الجزائري المذكور.
جنسيات عربية عدة
تندرج مليشيا الحرس القومي العربي ضمن العشرات من المليشيات التي شكلها النظام وإيران للقتال مع قوات النظام في سورية. لكن ما يُميّز هذه المليشيا عن غيرها كونها تضم مقاتلين من دول عربية عدة، ولا سيما من فلسطين والجزائر ومصر وتونس ولبنان فضلاً عن سوريين، وترفع شعارات القومية العربية. كما تدعي أنها تستند إلى الإرث النضالي للزعيم المصري جمال عبد الناصر. تقول مصادر، تحدثت لـ”العربي الجديد”، إن مليشيا “الحرس القومي العربي” تشكلت “في منتصف عام 2013 إبان التهديد الأميركي المزيف بضرب قوات نظام بشار الأسد الذي تجاوز خطوط الرئيس الأميركي باراك أوباما الحمراء بقصفه مدن وبلدات الغوطتين الغربية والشرقية بالسلاح الكيماوي، ما أدى الى مقتل آلاف المدنيين أغلبهم أطفال”، فيما يرجع البعض من قيادي المليشيا في تصريحات صحافية بدء التجربة إلى إبريل/نيسان 2012 عندما طرحت المبادرة لأول مرة منظمة “الشباب القومي العربي” (ضاد).
ووفقاً للمصادر التي تحدثت إلى “العربي الجديد” فإن عدد عناصر “الحرس القومي العربي” يقدر بنحو 500 عنصر. وتظهر صور عدة متداولة عناصر وقيادات في التنظيم ترتدي قمصاناً سوداء عليها شعار الهلالين الأحمر والأخضر ويتوسطهما حرف الضاد، وهو الشعار نفسه لمنظمة الشباب القومي العربي.
وتشير المصادر إلى أن “هذه المليشيا تدعي أنها عابرة للقطرية العربية”، لافتة إلى أنها مكونة من كتائب عدة، أبرزها كتيبة (جول جمال) وهو ضابط سوري أغرق مدمرة فرنسية في البحر المتوسط إبان العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956. وتتبع لكل كتيبة سرايا تقاتل إلى جانب قوات النظام في محيط العاصمة دمشق. وتشير المصادر إلى أن أول قتيل سقط من بين صفوف “الحرس القومي العربي” كان مصري الجنسية، يدعى أحمد عثمان، وقتل في معارك القلمون في نهايات العام 2013 ليقتل بعده العديد من عناصرها.
ذراع إيران
لكن هذه المليشيا تحولت تدريجياً إلى أحد الأذرع الإيرانية لقتل السوريين، ولا سيما أنها تتلقى تمويلاً من الحرس الثوري الإيراني، ويتزعمها أحد قادة حزب الله الميدانيين، ويدعى الحاج ذو الفقار العاملي. وتشير المصادر إلى أن مليشيا “الحرس القومي العربي” خضعت “لتدريب تحت إشراف ضباط إيرانيين، ما يؤكد زيف الشعارات التي ترفعها، وأنها مجرد مليشيا شكلها النظام متخذاً من القومية العربية قناعاً، وسيلة لجذب عناصر عاطلة عن العمل من عدة بلدان عربية للقتال كمرتزقة في سورية”، على حد قول المصادر.
ولا تخفي مليشيا “الحرس القومي العربي” أن كتائبها تقاتل إلى جانب مليشيات تابعة لإيران في العديد من المواقع أهمها في غوطتي دمشق الغربية والشرقية. وتنشر صفحات المليشيا على مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل دائم، صوراً لهؤلاء العناصر على جبهات القتال، مشيرة إلى مقتل عدد منهم في مخيم اليرموك بدمشق، وفي حلب وفي الغوطة الشرقية لدمشق. كما ذكرت أنها أسهمت مع قوات النظام في استعادة السيطرة على مدينة تدمر من تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).
وينظم “مكتب الأمن القومي”، التابع لحزب البعث، والذي يرأسه رجل الاستخبارات الأبرز في نظام الأسد اللواء علي مملوك، دورات “تثقيفية” لعناصر مليشيا “الحرس القومي العربي” يحاضر فيها عدد من الكتاب والسياسيين المؤيدين للنظام، أبرزهم عضو مجلس الشعب التابع للنظام خالد العبود، الذي ينتمي لحزب الوحدويين الاشتراكيين وهو أحد الأحزاب “الفلكلورية” في نظام الأسد.
ومنذ بدء الثورة السورية في منتصف مارس/آذار من عام 2011، اصطفت تيارات وأحزاب محسوبة على التيار القومي العربي ولا سيما المرتبطة بحزب البعث والتي كانت تتلقى تمويلاً من النظام قبل الثورة، إلى جانبه في حربه المفتوحة التي شنها على السوريين المطالبين بالتغيير والتحول السياسي الديمقراطي.
وعمل النظام وإيران على تشكيل مليشيات تقاتل السوريين إلى جانب القوات النظامية والمليشيات الطائفية متعددة الأسماء والجنسيات. مع العلم أن مليشيا “الحرس القومي العربي” ليست الوحيدة التي تتبنى أفكاراً قومية وتقاتل دفاعاً عن نظام الأسد، إذ انخرط الحزب القومي السوري هو الآخر في الحرب إلى جانب النظام. كذلك انخرطت مليشيا الجبهة الشعبية-القيادة العامة التي يتزعمها أحمد جبريل في الحرب إلى جانب النظام، وارتكبت مجازر بحق الفلسطينيين المؤيدين للثورة ولا سيما في مخيم اليرموك الدمشقي. كما تسهم إلى جانب قوات حزب الله في محاصرة بلدات مضايا والزبداني في شمال غرب دمشق.
كذلك شكل النظام في العام 2013 مليشيا “لواء القدس” من فلسطينيين وسوريين في مدينة حلب يتزعمها المدعو محمد أحمد محمد السعيد. والسعيد فلسطيني من مواليد مخيم النيرب في محافظة حلب، استقطب فلسطينيين في مخيم النيرب بتسهيل وتنسيق مع جهاز المخابرات الجوية في النظام، ورئيس ملف النظام الأمني في حلب اللواء (أديب سلامة). وتفيد مصادر مطلعة أن “لواء القدس” أصبح بعد ذلك أحد أذرع فيلق القدس الإيراني الذي يتزعمه قاسم سليماني، الذي بدأ بتمويل اللواء ليتمكن من استقطاب سوريين أيضاً، قتل أخيراً العشرات منهم إلى جانب فلسطينيين في المعارك ضد المعارضة غرب حلب.
* المصدر: العربي الجديد
Sorry Comments are closed