أبو مروان الذي وصل المانيا لاجئاً مع عائلته هرباً من الحرب الدائرة في سوريا منذ 7 سنوات بحثاً عن الأمان والاستقرار له ولعائلته هذا الرجل أقدم على جريمة قتل طليقته التي انفصلت عنه وتزوجت من رجل آخر وأخذت منه الأولاد حسب القوانيين المعمول بها في أوروبا ليعيشوا معها ومع زوجها الجديد.
هذه الواقعة هي واحدة من آلاف الحالات التي حدثت وتحدث مع اللاجئين السوريين في أوروبا، مشكلة الزوج والزوجة والتنازع على الحقوق والواجبات فيما بينهم في الغرب عموماً هي واحدة من آلاف القصص والقضايا التي أفرزتها المأساة الإنسانية السورية في ظل الحرب المستعرة منذ 7 سنوات وصولاً ليومنا هذا.
يمكننا القول أن قصة أبو مروان التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم تجسد ظاهرة اجتماعية عامة ولم تعد قضية فردية يمكن تجاوزها، فهناك آلاف الحالات الخفية لم تطفو على السطح وتخرج للعلن وتنتهي بذات النهاية الحزينة لتلك العائلة، لكن هذه الحالات والتي لم يوجد لها حلّ عادل يرضي الزوجين، هي بكل أسف كالجمر تحت الرماد الذي يمكن أن يستعر مع أول هبة نسيم، لتصبح تلك القضايا مرشحة لتكون مشروعاً بذات السياق الذي يهدد بتفكك الأسرة وانهدام بنية المجتمع والنسيج الاجتماعي للعائلات السورية التي يحاول الغرب تغليفها بما تحتويه من جهل في صندوق الحضارة والمفاهيم والثقافات الغربية ذات الحرية المطلقة، التي لاتعترف بالضوابط الأخلاقية والاجتماعية والدينية التى تربى عليها اللاجئ الوافد إلى أوروبا، مما سيولّد المزيد من الخلاقات والجرائم بفعل التصادم بين موروثه الشرقي والبيئة الاجتماعية الغربية ذات الحرية المطلقة والغريبة عليه.
وفي ظل سياسة الاندماج المتبعة في الدول الغربية والتي لا تقيم وزناً لموروث اللاجئ الذي تربى عليه منذ مئات السنيين هذه الظاهرة تحتاج إلى حلّ قبل أن تفتك بمزيد من الأسر وتساهم بهدم بنية المجتمع السوري الذي يتعرض لهزات عنيفة بفعل نتائج الحرب المدمرة.
إنّ أول خطوة في طريق الحل هي الاعتراف بالمشكلة وأسبابها الحقيقية ومن ثم البحث في الحلول وايجاد سبل تطبيقها وبرأيي المتواضع هناك أسباب عديدة ورئيسية لما يحصل، منها الجهل والحرب ومفهوم الحرية الخاطئ، عدا اختلاف الثقافات والدين والعادات والأعراف والتقاليد الاجتماعية، وهي أبرز وأهم الاسباب التي تزيد من حدوث تلك الظاهرة وما ينتج عنها من جرائم.
المشكل الأساسي هو الجهل بشكل عام والتقليد الأعمى للعادات والسلوكيات الغربية في الحياة اليومية دون تفكير ووعي باعتبارها في نظر البعض حضارة وتطوراً وثقافة أفضل مما تربى عليه، وهي في الحقيقة شكل خالٍ من المضمون بسبب الفهم الخاطئ للحرية والحقوق التي نطالب بها، والتي تضمن لنا حرية الرأي والتعبير وتكريس مبادئ الدولة المدنية الديمقراطية والقانونية العادلة التي تصون حقوق الفرد والجماعة وتكون ركيزة للتطور بمختلف نواحي الحياة العلمية والثقافية والاخلاقية للحاق بركب الأمم المتطورة، يضاف الى ذلك الحرب ونتائجها الكارثية فالحرب ليست دماراً للحجر بقدر ما هي دمار أكثر للبشر خاصة وإن الحرب السورية شهدت أكبر موجة تهجير قسري في التاريخ، ليقتلع الإنسان السوري من وطنه وبيته وجذوره وحاضنته الاجتماعية، مما يغرس ويخلق في نفسه النقمة والانتقام من كل من يحسّ أنه ساهم في خذلانه.
في ظل تلك المعاناة؛ الإنسان السوري هو بلا شك ضحية الحرب والجهل والمفاهيم الخاطئة خاصة مفهوم الحرية المطلقة الذي يتم استهدافه به كحقّ يراد به باطل، استهداف لانسان أنهكته الحرب والجراح والعوَز والحاجة بعد أن فقد كل شيء، والاستهداف من الغرب بدأ بالمرأة والأولاد باعتبارهما الحلقة الأضعف لتكريس مفاهيمه من خلال عملية الإدماج التي يسعى إليها مطبقاً مفهوم الحرية المطلقة المنفلتة من الضوابط الأخلاقية والدينية التي يفرضها علينا الإسلام كقانون يحكم وينظم علاقات مجتمعاتنا على كافة الأصعدة، فحقوق وواجبات المرأة والرجل المصانة في التشريع الاسلامي لا تعني الحرية المطلقة، والمرأة في عرف المجتمعات العربية والإسلامية هي خط أحمر للرجل كونها تمثل “عرضه وشرفه” الذي لا يسمح بالمساس به، فالإسلام أكرم المرأة بجميع حقوقها ووضع كل القوانيين التي تصونها إلى حين دخول ثقافات ومطالب أوهمتها أن هناك حقوقاً لم تأخذها بعد، وذلك لإخراجها من خدرها ولتكون فريسة للأسوياء قبل الجياع.
ومما يسهل ذلك طبيعة المرأة وتكوينها الجسماني والعاطفي، ومن خلال هذا الاستهداف للمرأة المسلمة يروّج الغرب لكل أشكال الانفلات واتباع الشهوات والعشوائية وفوضى الصداقات واستمراء الحرام بما يؤدي لانهدام العلاقة الزوجية مما يتنافى مع النظام الاجتماعي الاسلامي ويهدد بفرط عقد المجتمع، فحقوق المراة لا تعني الحرية المطلقة فالحق شيئ والحرية شيء آخر، والخلط بين الحقوق والحريات نتيجته كسر الخطوط الحمراء والوقوع في المحظور وانتهاك حقوق الفرد والجماعة.
الخلاصة أن هذه الحالة وغيرها من الحالات تحتاج لتضافر كل الجهود لإيجاد الحلّ، وتحتاج إلى دراسات علمية موضوعية فهذه الظاهرة المستمرة باستمرار أسبابها تتمادى بتمزيق العقد الاجتماعي للسوريين، لا تعالجها منشورات ومقالات عابرة فهي تحتاج إلى إنشاء مراكز بحث علمية وتشكيل منظومات اجتماعية وحقوقية متخصصة للتوعية والإرشاد ترصد كل المتغيرات التي حصلت على سلوك الانسان السوري بعد العام 2011 تتصدى لحل تلك الظاهرة وغيرها من القضايا بطرق علمية وعصرية عادلة.
علينا جميعاً أن نعترف بوجود الخلل والمرض لكي يسهل العلاج.
Sorry Comments are closed