بسام عمر – الغوطة الشرقية – حرية برس:
“السنة قبل الماضية النظام أخد حصادات القمح جاهزين وهي السنة لحق الموسم من أوله” هكذا بدأ (أبو عامر) حديثه إلينا وهو أحد الفلاحين وقد خسر أغلى ما لديه ومصدر رزقه وموطن ولادته وحياته وإرث العائلة.
أبو عامر الذي لم يتجاوز السادسة والخمسين من عمره ينظر إلى قليل من البقوليات والحشائش أمام دكان الحي ويتحدث عن أرضه وعن أراضي زملائه وجيرانه الفلاحين شارحاً كم الضرر الذي سيلحق الغوطة إن لم يتم تدارك الأمر واعادة ما خسرته الغوطة في المعارك القائمة حالياً بعد أن سيطرت قوات الأسد على أغلب بلدات الغوطة الشرقية والمساحات الزراعية والتي تعد سلة الغوطة الغذائية ومصدر إنعاشها صيفاً.
يقول أبو عامر: منذ بدء الحصار لم يكن لدينا أي مؤونة نستعين بها على شتائنا وقد ذقنا الويلات من الجوع واضطر الناس لمقايضة منازلهم مقابل كيس طحين أو سكر في حين قمنا بالاستعاضة عن دقيق القمح بطحن أعلاف الحيوانات وخبزها، وهو ما تسبب بمشاكل صحية جمّة ناهيك عمّا خسرناه من أحبائنا الذين فارقوا الحياةَ جوعاً؛ لذا تداركنا الأمر وقمنا بالإكثار من زراعة القمح والشعير حيث كانت الحلم الذي تحقق بالنسبة للسكان المحليين عند توفرها في السوق وبسعر مقبول.
يستطرد أبو عامر قائلاً: نجحنا بكسر الحصار المفروض منذ سنوات وتحقيق اكتفاء شبه ذاتي للمنطقة في حين بات الفلاحون يهتموا بتطوير زراعات أخرى غير المعتادة من قبل كالبطاطا والبلح في محاولة لتعويض النقص الموجود وتنويع المواد، كما أن المؤسسات الاغاثية المحلية لاحظت تلك الأهمية وبدأت بتمويل مشاريع زراعية وتنميتها بشكل أكبر وأوسع وايجاد خطط لتوزيع القمح بين دقيق للخبز وبين برغل أو نشاء، تحول حينها الحصار إلى شيء ثانوي بالنسبة للاهالي خصوصاً في فصل الصيف ونضج الفواكه التي باتت وجبات رئيسية للسكان مثل الاجاص والمشمش والخوخ فضلاً عن أصناف أخرى متوفرة أصلاً في أراضي الغوطة الشرقية.
ويضيف: أصبح النظام يفاوض لشراء تلك الأصناف وطرحها في الأسواق التي يفرض سيطرته عليها مقابل المواد الغذائية الرئيسية كالسكر والأرز والزيوت وغيرها بكميات ضئيلة مقابل كميات كبيرة ،بيد أن الصاعقة كانت أن النظام استدرك الامر وبات لا يكتفي بتلك التجارة القذرة والحصار السابق، بل بدأ باقتحام تلك الأراضي والسيطرة عليها ليقوم بتضييق الحصار المفروض أكثر من قبل وإحكامه بدءاً من شبعا، دير العصافير، زبدين وأراضي المليحة وصولاً إلى بزينة في آخر اجتياح له موسم قمح عام 2016 وكان حينها الفلاحين يقوموا بحصاد محاصيلهم لكنهم اضطروا إلى تركها والهروب من سكاكين النظام وبنادق الموت التي يطلقها جنود جنوده.
ويتابع: قامت قوات الأسد بعد الوصول لتلك الأراضي بحصدها وجني الثمار من الأشجار وطرحها في الأسواق، الأمر الذي أعجب به مسؤولو النظام الاقتصاديين وقامو بعدة محاولات مشابهة دونما جدوى.
يعتقد أبو عامر أن نظام الأسد بدأ برعاية أممية ودولية تحت غطاء جوي روسي إيراني اقتحام الغوطة مجدداً من محور المناطق الأكثر خصوبةً بدءاً من حوش الضواهرة وحوش نصري والنشابية وصولاً إلى بيت سوا حيث لم يعد هنالك أي منطقة صالحة للزراعة في الغوطة باستثناء بقع صغيرة منتشرة بين الأبنية.
التقدم الأخير لقوات الأسد والمليشيات أدى لارتفاع جنوني في أسعار القمح والشعير بل وفقدانها وعدم توفر أي مادة زراعية موسمية في الأسواق كالملفوف والسبانخ والزهرة، يتخوف الأهالي من استمرار تقدم قوات الأسد وعدم استرجاع تلك المناطق الزراعية لاسيما أن موسم الفول قد بدأ وان لم يتم تدارك الشرخ سيكون هنالك أزمة غذائية لا محالة.
عذراً التعليقات مغلقة