مقاطع من أطوار الموت الغريبة
شعر: صلاح ابراهيم الحسن
-1-
بالأمسِ رأيتُ الموتَ يمرُّ من شارعٍ قريبٍ
كان مبتسماً
وهو يضعُ كتفه العالية
تحت نعشِ الشّهيد
-2-
قال لي الموتُ
وهو يمرُّ من تحت الشرفة
أصعدُ أم تنزلُ
فأجبته:
بل تصعد وأصعدُ
-3-
الموتُ ليس صديقي
لكنّني اعتدْتُ عليه
كما اعتدْتُ في السابق
على جابي الماء والكهرباء
ومُحَصّل الضرائب
وصاحبِ البيتِ
اختفوا جميعُهم الآنَ
وبقي الموتُ الذي يزورنا يومياً
يعمل بجدٍّ
ولا يكترثُ لتضرعاتنا
بالأمسِ قال لجارنا:
أرواحُكم مسبقةُ الدفع
مثل فاتورةِ الهاتف
ومثل صفقةِ الصواريخ الأخيرة
وجبى روحه
-4-
رأيتُه اليومَ على طابورِ الخبزِ
كان جائعاً مثلنا
مرّتْ طائرةٌ
فكانَ أولَ الهاربين
-5-
اليوم صباحاً
خرجت إلى العمل بلا بطاقة شخصيةٍ
سألني بازدراء
وكأنه عنصرٌ على حاجز عسكري
لماذا لم تحملْ هويتك
فقلتُ:
أريد أن أموت مجهول الهوية
-6-
في المقبرة القريبة
رأيت طفلاً
بلباسٍ أبيض
قربَ قبرٍ صغيرٍ
يحتضنُ الموتَ
والموتُ يبكي بذعرٍ
وكانت الطيورُ
تتساقط من الشاهدة
خضراء
خ
ض
ر
ا
ء
-7-
أيُّها الموتُ يا أيها الموتُ
أنتَ لستَ بعيداً
ولكنك ستظلُّ.. (يا أيها الموتُ)
ولن تحظى باعترافٍ لغويٍّ بقربك مني
نظر إليَّ مبتسماً
ولم يغضبْ
فتح ذراعيه واحتضنني قائلاً:
أنا أقربُ إليك من حبلِ الوريد
يا أيُّها الشاعرُ المغرور
***
Sorry Comments are closed