أما صحّة القول إن تغييرا في قواعد الاشتباك أحدثه إسقاط مضادّات الجيش السوري المقاتلةَ الحربيةَ الإسرائيليةَ فتتطلب ترقب ما إذا كانت دولة الاحتلال سترعوي، وتكفّ عن “روتينية” اعتداءاتها، واختبار ما إذا كانت هذه الواقعة (المبهجة) ستتلوها مثيلاتٌ لها، إذا ما تمادت إسرائيل، واعتبرتها واقعةً لا قياس عليها. وبعيدا عن أي مبالغات، ومن موقعٍ مناوئ لنصرة حزب الله العسكرية والمليشياوية نظام القتل والإبادة في سورية، يشتهي ملايين العرب، وأحدهم صاحب هذه الكلمات، أن يكون كلاما في محله قول حزب الله إن إسقاط الطائرة المعتدية “بداية مرحلةٍ استراتيجيةٍ جديدة”. وليس هناك ما هو أدعى لفرح العرب جميعا من أن تنبني المرحلة المتحدّث عنها على أولوية مواجهة الصلف الإسرائيلي، وليس على أولوية بقاء نظام الأسد ولو بمقتل أزيد من ثلاثمائة ألف سوري، وهجرة سبعة ملايين سوري من بلدهم الذي يتدمر، بنيانا وكيانا ومجتمعا.
هوى الصاروخ السوري بالمقاتلة الإسرائيلية، غير أن شظاياه سقطت في شمال الأردن وجنوب لبنان والجليل الفلسطيني، في دلالةٍ لا تخطئها أي عيون على المدى الذي ستتوزّع عليه حربٌ تقوم بين إيران وإسرائيل في الملعب السوري. وإذ ينكتب الآن في صحافاتٍ إسرائيليةٍ وعربيةٍ كثيرةٍ إن الجميع لا يريد هذه الحرب، بل لا يريد أي حربٍ، غير الجارية في الخريطة السورية المنتهكة، وذات التفاصيل الخاصة، فإن الظاهر أن إيران هي أكثر الأطراف حرصاً على تفادي مواجهةٍ من هذا النوع، ليس فقط بدليل صمت مسؤوليها عن أي تعقيبٍ على البيان العسكري الإسرائيلي الذي أفاد، صراحة، بأن بين الاثني عشر موقعا التي تم ضربها في سورية مواقعَ تتبع قواتٍ إيرانية، وإنما أيضا بسبب مقادير “التعقل” الميداني الغزيرة التي زاولتها الجمهورية الإسلامية عقودا أمام استفزازات إسرائيلية كثيرة، وإيثارها الحروب بالوكالة، طالما أن حزب الله يقوم بالواجب، عند اللزوم.
قصارى القول، لواقعة إسقاط الجيش السوري “إف 16” الإسرائيلية أهميتها، غير أنها تبقى أهميةً محدودة، إلا إذا أحدثت المراد منها، أي تغيير الروتيني المعهود، وهذا ما يتبيّن في أيام وأسابيع مقبلة.
عذراً التعليقات مغلقة