اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل على الأراضي السورية لا رابح فيها، ولكن فيها خاسر مؤكّد؛ وهو الشعب السوري، الذي ما زال يدفع فاتورة الصراع الدولي والإقليمي على أرضه.
وأوضح الكاتب إيشان ثارور، في مقال له بالصحيفة الأمريكية، أن “التصعيد الأخير الذي تمثّل بإسقاط طائرة إيرانية من دون طيار بواسطة الدفاعات الإسرائيلية، وما أعقبه من إسقاط طائرة إسرائيلية من نوع إف 16، يعدّ تصعيداً خطيراً في الحرب السورية الطويلة والوحشية المستمرّة منذ نحو سبعة أعوام”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “الحادث الأخير يؤكّد أن الحرب في سوريا تزداد تعقيداً، ليس على الأرض وحسب، وإنما حتى في السماء”.
واستطرد موضحاً: “لقد قصف الإسرائيليون عدة مرات داخل سوريا على مدار السنوات الماضية، وذلك في إطار مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا، وأيضاً نفوذ حزب الله اللبناني، بالإضافة إلى المليشيات الشيعية الموالية لإيران، وجمعيهم ينتشرون في سوريا دفاعاً عن نظام بشار الأسد”.
وتابعت: “الروس دخلوا أيضاً إلى مسار الحرب السورية، وكانوا يقصفون المدن التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلّحة، ولكن غالباً ما يكون المدنيّون هم الضحايا، في حين أن تركيا تقاتل القوات الكردية المدعومة أمريكياً”.
وأضافت: “أما بالنسبة إلى أمريكا فإنها دخلت إلى سوريا في إطار قيادتها للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، وهي أيضاً تعمل في أحيان كثيرة على دعم المليشيات الكردية وبعض الفصائل السورية المعارضة، في حين يواصل نظام بشار الأسد عملياته العسكرية ضد المناطق المدنيّة، دون أن يتورّع عن قصف تلك المناطق بأسلحة كيمياوية”.
وقالت الواشنطن بوست، إن هذه الخريطة الواسعة من الوجود الإقليمي والدولي على الأراضي السورية دفعت مسؤولين في الأمم المتحدة إلى التعبير عن قلقهم من الضربات الجوية، وإلى الدعوة لضرورة وقف هذه الضربات ووقف أي تصعيد للعنف.
وأضافت: “إسرائيل قالت إن هجماتها كانت تحذيراً صارخاً لإيران؛ فقد أعلن وزير الاستخبارات الإسرائيلي كاتس، في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن إيران تعرف طبيعة الأهداف التي استهدفتها الطائرات الإسرائيلية”، وأكّد بالقول: “إنها مواقع مخفيّة دلّتنا عليها أجهزتنا الاستخباريّة، والأيام ستثبت ذلك”.
حادثة الطائرة الإسرائيلية جاءت في وقت يعاني فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من عزلة سياسية بسبب اتهامات بالفساد، الأمر الذي يجعل من هذه الحادثة فرصة له لإعادة انتخابه باعتباره داعماً للأمن القومي الإسرائيلي، بحسب الواشنطن بوست، مستدركة بالقول، إلا أنه (نتنياهو) لا يملك الكثير من الخيارات في سوريا، حيث سبق له أن سعى لمحاولة دقّ إسفين بين روسيا وإيران في سوريا، أكبر الداعمين لنظام بشار الأسد.
وتنقل الصحيفة عن الباحث السياسي آدم تايلور، قوله إن إحدى القواعد العسكرية التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي، السبت الماضي، لم تكن تضمّ جنوداً سوريين وحسب، بل جنوداً روسيين أيضاً، مؤكّداً أنه من الصعب الحديث عن عدم علم روسيا بالطائرة الإيرانية المسيّرة التي أسقطتها المضادات الإسرائيلية.
وأضاف: “من غير المتوقّع أن تتعرّض إسرائيل لمزيد من الضغوط بسبب ما جرى يوم السبت الماضي، ولكن لا تزال المخاوف من اندلاع حرب دموية قائمة”.
وأوضح قائلاً: “في التقرير الأخير لمجموعة الأزمات الدولية أشارت إلى أن المشاحنات بين إسرائيل ولبنان يمكن أن تشعل حرباً أخرى عبر حدودها وخارجها، وبالنسبة إلى دمشق فإن أي حملة واسعة النطاق من جانب إسرائيل ستلحق ضرراً هائلاً بما حقّقه النظام السوري؛ لأنها قد تؤدّي إلى زعزعة استقرار النظام نفسه، الأمر الذي قد يثير خلافاً بين روسيا وإسرائيل”.
وفي كلتا الحالتين، بحسب تايلور، فإن الوضع السيئ بالنسبة إلى الشعب السوري سوف يزداد؛ إذ تحوّلت الأسابيع الماضية إلى أكثر الفترات دموية؛ حيث شنّ الطيران الروسي وطيران النظام مئات الغارات، وأدّت تلك الغارات إلى هجرة ونزوح قرابة 300 ألف شخص من مناطق شمال غربي سوريا، في حين يعيش نحو 400 ألف شخص محاصرين في الغوطة الشرقية، منذ نوفمر الماضي.
Sorry Comments are closed