أحمد جرار.. حلقة أخيرة أم جزء جديد؟

فريق التحرير7 فبراير 2018آخر تحديث :
زينب سمارة

في حياة كل منا فترة غائمة لا جزئيا بل كليا، عقيمة الحلم والفرح لكنها في الوقت نفسه حبلى بالكسل، وبساعات طويلة من الوقت المهدور في البحث عن حشوة درامية حماسية أو عاطفية ربما، تملأ نقصا أو تخدر جرحا، حتى تدق ساعة الحلقة الأخيرة، فينسى البائس حقيقة محيطة الغائم، ويبدأ بلوم كاتب المسلسل على عدم إتقانه كتابة نهاية تلك الملحمة التي عاشت لمدة شهر جنبا إلى جنب مع صديقنا البائس، الذي يرفض بكل ما أوتي من مخيلة موت صديقه البطل، بل يعتبره ثغرة تمنحه السلطة للتشكيك بحقيقة ذلك الموت وما إذا كان البطل حيا في جزء آخر.

تلك هي الحالة التي عشناها من الشهيد البطل أحمد جرار، والذي لقبه نخبة ممن تابعوا مسلسله البطولي، بالشبح. فمنذ تفجير الحلقة الأولى بعملية نفذها كالشبح قرب نابلس، واصطاد على إثرها غنيمته الأولى بقتل حاخام صهيوني، تتابعت أحداث المسلسل الذي شد الجمهور الفلسطيني، بعد أن منحه أملا في إحياء روح المقاومة، وبل ريقه بعد أن فتك به عطش النصر، ولو كان نصرا يقوده فرد مقابل كيان كهذا. ثم عقدت حبكة القصة عندما اقتحمت قوات الاحتلال قرية برقين التي ينتمي إليها الشهيد أحمد جرار، وقامت بقتل مشتبه به، لتبدأ الاحتفالات على الجانب الصهيوني، وتخمد في اليوم ذاته بعد الكشف عن عدم تطابق الحمض النووري للشهيد مع حمض أحمد جرار، لتنتقل بذلك الاحتفالات إلى الجانب الفلسطيني المعتز بابنه الباسل. نجح الشبح جرار في ارتداء عباءة الإخفاء إلى مدة كادت أن تقارب الشهر، حتى ارتقى شهيدا فجر الثلاثاء، بعد معركة كان البطل فيها الجيش والقائد.

لا شك أن الشهيد أحمد جرار قد فتح الباب واسعا أمام مسلسلات عديدة من النضال والثأر ثم المقاومة فالشهادة، فقد شهدنا قبل أيام فصلا جديدا من فصول القصة في سلفيت. لكن ماذا عن الآراء التي ازدحمت بها واقع التواصل الاجتماعي، والتي ترفض حتى اللحظة تصديق استشهاد أحمد، والإصرار على أنه حي يرزق، وأن ادعاء قتله ليس إلا سلاحا نفسيا شنته قوات الاحتلال على كل من تابع تحركات أحمد واعتز بها؟

وهنا دعوني، كما اعتدت، العودة بذاكرتي قليلا إلى الوراء، حين تابعت مسلسل الندم، صاحب التكامل الدرامي، ورغم أن شهداء الندم كانوا شهداء الحب، لا شهداء الوطن كما في حكاية جرار، إلا أن تمسكي بشخصية البطل كان واضحا، فالشخصية الرئيسة، عروة، كانت تملك في المسلسل حسابا على فيسبوك، تكتب فيه ما يخطر ببالها حول الحب والوطن، وعند اكتشاف النهاية القاسية للمسلسل رحت أبحث عن حساب البطل على فيسبوك، والمفاجأة أني وجدته! ولفرط التعلق قمت بإرسال طلب صداقة وأجريت مقابلة مع من يديره، ولا أخفيكم أني قد أصبت بخيبة أمل حينما اكتشفت أن من وراء الحساب هو مجرد شخص معجب مثلي بالمسلسل، لا البطل الذي تمسكت به وأردت حقا لو كان موجودا يرعى قصته حتى بعد انتهائها على شاشة التلفاز.

هكذا كان جرار، فرجا من الله ظلل الشعب الفلسطيني بنصره، ومسح عن جبين كل منا عرق الخذلان، فالنبض حي، والمقاومة ممكنة حتى وإن ضاقت علينا البلاد بالسلاح والتف حولنا خونة الأرض، وحتى لو كانت الضفة أصغر من أن تنجح فيها محاولة اختفاء. يا له من حلم جميل أبينا وسنظل نأبى انتهاءه، لكن الباب قد فتح، وهذه ليست سوى البداية، فمن لقب بالشبح حيا، قد يظل شبحا بعد الموت ويعود بشكل آخر.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل