في مثل هذا اليوم قبل ستة وثلاثين عاماً حدثت مجزرة حماة، المجزرة الأبشع في تاريخ سوريا الحديث قبل اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011.
المجزرة التي ارتكبها المجرم حافظ الأسد ونظامه بحق أهالي حماة، وتكتم عليها وحاول طمس أدلتها، أكثر من 40 ألف شهيد وآلاف المفقودين كانوا ضحية تلك المجزرة، كانوا ضحية لإجرام نظام وحشي دموي قتل واغتصب ودمر دون حساب أو عقاب، فقد نجا حافظ الأسد في فعلته وحكم سوريا بالحديد والنار حتى عام 2000 ليستلم الحكم وريثه القاصر بشار الأسد الذي ارتكب لاحقاً العديد من المجازر المروعة بحق المدنيين السوريين والتي قد تكون أفظع بكثير من المجازر التي ارتكبها أبيه أثناء فترة حكمه لسوريا.
أحداث ووقائع مذبحة حماة بدأت في صباح الثاني من فبراير/ شباط عام 1982، حين شنّ نظام حافظ الأسد حملة عسكرية واسعة على المدينة بقيادة شقيقه العقيد المجرم رفعت الأسد، واستمرت الحملة قرابة الشهر ارتكب خلالها مجازر مروعة بحق المدنيين، فقد طوّق نظام الأسد الأب المدينة وقصفها بالمدفعية والدبابات والطيران، ومن ثم اجتاحها بريّاً، وقتل عشرات الآلاف من سكانها بدم بارد وارتكب بحقهم أفظع المجازر، وبحسب تقارير صحافية وحقوقية وشهادات بعض الناجين من المجزرة، فإن القوات التي دخلت المدينة، قامت بمداهمة المنازل واعتقال أصحابها وإعدامهم بشكل جماعي، فضلاً عن تدمير أحياء كاملة على رؤوس ساكنيها.
وتكاد لا تخلو عائلة في حماة إلا وفيها شهيد أو مفقود أو مهاجر، ومنذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا والنظام السوري يحقد على تلك المدينة وأهلها.
مجزرة حماة التي طوي الكثير من قصصها بوفاة أصحابها، لم تكن المجزرة الأولى التي يرتكبها نظام حافظ الأسد، فقد سبقها مجازر في العديد من المناطق السورية، وذلك ضمن سياسة القمع والترهيب التي اتبعها نظام حافظ الأسد لقمع الاحتجاجات وإحكام قبضته الأمنية على الشعب، حيث ارتكب عدداً من المجازر قبل مجزرة حماة، أبرزها مجزرة جسر الشغور بريف إدلب في العاشر من مارس/ آذار 1980، حيث قصف المدينة بقذائف الهاون وأعدم قرابة الخمسة وتسعين مدنياً من أهاليها بعد إخراجهم من منازلهم، كما قام أيضاً بهدم أكثر من ثلاثين منزلا داخل المدينة، وارتكب أيضاً مجزرة في بلدة سرمدا قتل فيها حوالى 40 شخصاً، ومجزرة حي المشارقة في حلب حيث قتلت قوات النظام صبيحة عيد الأضحى أكثر من ثلاثة وثمانين مدنياً، ومن المجازر أيضاً مجزرة سوق الأحد ومجزرة الرقة حيث راح ضحيتهما عشرات المدنيين، بعضهم تم تجميعهم في مدرسة ثانوية وإضرام النيران من حولهم.
كل هذه المجازر ولم يشبع الأسد من دماء السوريين، لم يتوقف نظام الأسد عن ارتكابها فقام باجتياح حماة والتفظيع بأهلها والتنكيل بهم، لا يريد أن يقول أحد في وجهه لا، فهو يعتبر البلد ملكاً له، والشعب مجرد عبيد عنده، ويريد أن يعطي درساً للسوريين بأن لا يفكروا في معارضة نظامه وإلا فسيكون مصيرهم مصير أهل حماة وغيرهم ممن فظع بهم، يريد أن يقول أنتم في سوريا الأسد، حيث لا حريات ولا حقوق، لا شيء هنا سوى القهر والموت.
أراد نظام الأسد أن يجعل من حماة درساً لجميع السوريين، أراد أن يكمّم أفواههم لعقود وعقود، ولكن إرادة الشعب كانت أقوى من قهر الجلاد، فمع انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011، كانت مدينة حماة من أولى المدن التي انتفضت بوجه النظام القمعي، فقد كانت المظاهرات تجوب شوارع المدينة وتطالب بالحرية وتحقيق العدالة، وبعد بضعة أشهر خرجت مظاهرة كبيرة شارك فيها مئات الآلاف من أهل المدينة ، ولم تكن غريبةً ردة فعل نظام الأسد الإبن على تلك الاحتجاجات، فقد أعطى الأسد لقواته كافة الصلاحيات لقمعها، فبدأت قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، لتعيد إلى أذهان السوريين ذكرى مجازر الأسد الأب، وفي ذاك اليوم سقط عشرات الشهداء المدنيين وعقبها مجازر جديدة في أنحاء المدينة.
اليوم، التاريخ يعيد نفسه ومأساة حماة تتكرر في جميع المدن السورية، والمجازر تُرتكب كل يوم على يد نظام الأسد الإبن، وما أشبه اليوم بالأمس فالمجرمون ذاتهم والضحية لم تتغير، ولكن السوريون لن ينسوا، لن ينسوا أبداً إجرام هذا النظام بحقهم، والمجرمون لن يفلتوا من العقاب، لا بد للحق أن ينتصر على الباطل، وكما بقيت حماة وزال حافظ الأسد، ستبقى سوريا وسيزول وريثه بشار، سيمضي السوريون بثورتهم حتى تتحقق العدالة والمساواة ويزول الظلم ويحاسب المجرمون على جرائمهم.
عذراً التعليقات مغلقة