إخوتنا البدو السوريون إذا تَقَدَّمَ الرجل يقولون: تَكَلَّط. ولأجل المزاح المبطن بالسخرية يقال للرجل الذي يَزْعُم أنه تقدمي: أهلاً بالرفيق الـ تَكَلُّطي، وقياساً على ذلك يُقال عن الأنظمة الديكتاتورية التي تتفاخر أنها تقدمية: الأنظمة التَكَلُّطية!
ومن عجائب الرفاق (التَكَلُّطيين) اعتقادُ بعضهم أن صوت السيدة أم كلثوم كان (يخدر) الشعب العربي في الستينات ويُلهيه عن قضاياه النضالية!.. وعليه فإن هناك علاقة وطيدة، برأيهم، بين أغانيها ذات التكثيف الطربي العالي ووقوع نكسة حزيران 1967!
في الحقيقة أنه لا صوت أم كلثوم، ولا أصوات عشر (أم كلثومات) بقادرة على تخديرنا نحن أبناء هذا الشعب المعطاء، لأننا مخدرون خلقة الله! أو: مخدرون من (الوكالة)! بدليل أن كثيرين منّا كانوا ينقلون لنا، بكل أمانة وحماس، وجهةَ نظر أجهزة إعلام الأنظمة التَكَلُّطية المهزومة آنذاك في جبهات القتال التي تقول، إن إسرائيل لم تكن تهدف إلى احتلال الأرض العربية! ولا إلى قهر الشعب العربي! بل إلى إسقاط تلك الأنظمة. ولماذا تسقطها؟ ببساطة لأنها: تَكَلُّطية.
وبما أن هذه الأنظمة المناضلة رأت بأمهات أعينها كل شيء يسقط، وبقيت هي صامدة! فهذا يعني أن إسرائيل لم تنتصر، وهذا يعني، بالمشرمحي الفصيح: أن إسرائيل انهزمت! ونحن انتصرنا!
وكان على الضفة الأخرى، أعني الضفة الرجعية، شيخٌ خرفٌ حَمَدَ الله على نعمة الهزيمة، لأننا لو انتصرنا، بحسب ما قال، لتمكن الرفاق التقدميون من هذه البلاد إلى الأبد!
كان ذلك النصر المؤزر فاتحة للانتصارات العربية المتتالية، ففي عام 1973 انتصرنا، لأننا حررنا إرادتنا القتالية التي كانت مغلولة! وانتصرنا في عام 1982 لأننا أجبرنا إسرائيل على اجتياح لبنان فافتضح أمرها في العالم على أنها دولة غازية، وفي سنة 1996، أيام عناقيد الغضب، انتصرنا إذ استطعنا أن نفرض على إسرائيل وقف القتال! وانتصرنا في سنة 2000 حينما استطعنا أن نثبت أنه لا وجود لأي نوع من المقاومة للعدو إلا المقاومة ذات الطابع الديني المذهبي المتعصب.
عذراً التعليقات مغلقة