تتوالى المؤتمرات وتستمر المماطلة الدولية في تحقيق رغبة الشعب السوري برحيل نظام بشار الأسد ضاربة عرض الحائط جرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب السوري والمثبتة بحقائق ودلائل تؤكد وقوف النظام السوري والميليشيات المساندة له والطيران الروسي وراء ارتكابها.
فبعد فشل المؤتمرات الدولية الخاصة بالشأن السوري بمختلف مسمياتها وتعدداتها الرقمية هاهو مؤتمر سوتشي يدنو شيئاً فشيئاً وهو يحمل في طياته سبلاً جديدة لتقويض المعارضة السورية وتشويه صورتها أمام السوريين والعالم أجمع، حيث تضع روسيا شروطاً تعجيزية على المعارضة السورية للسماح لها بحضور سوتشي وسط غض طرف غربي وأمريكي وعربي عن الأفعال الروسية.
الغاية الروسية الخبيثة من وراء مؤتمرها لا تخفي نفسها، فهي تعمل بلا كلل ولا ملل على تحييد المعارضة السياسة والعسكرية عن سوتشي وإحضار ما يسمى المعارضة المقربة من النظام وروسيا بدلاً عنها والجلوس وجهاً لوجه مع وفد النظام على طاولة الحوار المزعومة والخروج بقرارات روسية مدونة مسبقاً وحتى قبل عقد المؤتمر.
ومع أن المعارضة السورية سارعت إلى إعلان رفضها المشاركة في سوتشي إلا أن موقف المعارضة المحسوبة على الرياض ما زال مبهماً، إبان الصمت الذي تنتهجه تجاه المشاركة.
وعلى صعيد الداخل السوري فإن الأوساط والأصوات الشعبية والإعلامية والتشكيلات العسكرية تنادي بمقاطعة المؤتمر.
ولا تزال تركيا الضامنة تسلك سياسة النأي بالنفس رغم وجود خلافات بين موسكو وأنقرة من تحت الطاولة في ظل التهميش الروسي للدور التركي في الملف السوري.
أما إيران “الضامنة” الثانية فقد واجهت في وقت سابق تهميشاً روسياً لها على الساحة السورية هي الأخرى. كما وتشهد اضطرابات داخلية كبيرة وهي تراقب عن كثب ما سيحصل في سوتشي رغم أنها مضطرة إلى لعب دور الجلاد المأمور في وجود الدب الروسي الآمر الناهي.
وينعكس نجاح سوتشي وفشله على الداخل الروسي أيضاً حيث إن أكبر دول العالم مساحة مقبلة على انتخابات رئاسية جديدة، ومع تدهور شعبية بوتين وانخفاضها تدريجياً فهو بحاجة إلى سبل جديدة لكسب ثقة الشعب الروسي وضمان أصواته في الانتخابات. حيث بدأها بالمزاعم عن نيته سحب قواته من سوريا واستهلها في استعراض عضلاته وتحطيم آمال معارضيه بإزاحة نافالني عن منصة الترشح الرئاسي ويريد أن ينهيها بتحقيق مآرب وأهداف موسكو في سوريا عبر سوتشي.
ولن يختلف مؤتمر سوتشي عن المؤتمرات السابقة من حيث العجز عن إيجاد حل جذري للقضية السورية إلا أنه يختلف عن سوابقه بغياب الدور الأمريكي، حيث ترغب واشنطن بتوريط روسيا أكثر في الملف السوري، بالاضافة إلى انشغال الأوساط الأمريكية بتداعيات تصريحات ترامب تجاه القدس، وهو ما أدى لانفراد موسكو كقوة كبيرة وحيدة في مؤتمر سوتشي الذي يعتبره بوتين البوابة التي سيمر من خلالها للعودة إلى الكرملين من جديد في الانتخابات الرئاسية القادمة.
عذراً التعليقات مغلقة