تناقلت وسائل الإعلام الموقف المخزي لرأس النظام السوري بشار الأسد مع رئيس الإحتلال الروسي في قاعدة حميميم العسكرية الروسية في اللاذقية السورية. وتم التعليق على الموضوع ما بين السخرية و بين التحاليل الآنية للحدث باعتبار أن الحدث سقط سهواً.
أعتقد أن الرسالة كانت أكبر من السخرية وكانت أكثر من واضحة ولا تحتمل أي تأويل آخر، فالرسالة تقول: لا يوجد رئيس في سوريا اليوم إلا بوتين وأن أي جندي روسي يعتبر أعلى من أي سلطة سورية في البلاد. كان بإمكان الروس أن يقوموا بالفعل دون نشره على الإعلام وتبقى الرسالة للمجرم بشار فقط. لكن الرسالة ليست لبشار فحسب وإنما كانت موجهة للشعب السوري بكل أطيافه وللعالم أجمع.
لكن إذا كان ذلك صحيحاً، لماذا يحافظ الروس على بشار الأسد ويقدمون له كل هذا التضحيات؟
لقد أعلن بوتين قبل اليوم ثلاثة مرات عن انسحاب قواته من سوريا؛ وكانت تلك خديعة كبيرة للعالم بأن وجوده في سوريا مؤقت ريثما يتم القضاء على الارهابيين حسب زعمهم المكذوب. ونجح بوتين بهذا التكتيك السياسي ريثما رسخ وجوده عسكرياً ودولياً وسياسياً على الاراضي السورية و بعد ذلك بدات اللهجة الروسية ترتفع حدتها حتى تجاه الوجود الامريكي مؤخراً.
واضح أن نية الروس الانفراد بالأراضي السورية كاملة وهذا ما يسعون له عسكرياً من خلال آلة إجرامهم العسكرية وسياسياً أيضاً من خلال مؤتمر سوتشي. الروس اليوم لا يقاتلون بالنيابة عن نظام الأسد وإنما يؤسسون لاحتلال طويل الأمد في سوريا، وحفاظهم على رأس النظام المتمثل بالمجرم بشار مجرد وسيلة لشرعنة وجودهم على الأراضي السورية أمام المجتمع الدولي.وقد أرسل الروس عدة رسائل سابقة أهانوا فيها رأس النظام ولم يتعاملوا معه كرئيس دولة ومهدوا للموقف الذي حدث مؤخراً في حميميم. وهُمْ – أي الروس- لا يزالون متمسكين بعبارة الدولة السورية أكثر من أي دولة أخرى في العالم لنفس السبب؛ شرعنة وجودهم في سوريا.
لكن التطور الأخير المتمثل بإسقاط طائرة للأسد جنوب إدلب بواسطة صاروخ مضاد للطيران يفتح تساؤلاً خطيراً ومفصلياً. هل هذه رسالة أميركية حقيقية لوضع حد للغطرسة الروسية في سوريا؟ أم أنه تفاهم خفيّ لإعطاء شرعية لهدم إدلب آخر قلاع الثورة السورية وهي المشمولة أساساً بما يسمى بمناطق خفض التوتر.
الأيام القادمة ستكون حبلى بالإجابات عن كل هذه التساؤلات. ومن أجل ذلك؛ يجب على الإعلام الثوري التركيز على هذه النقطة؛ الروس محتلون وسوريا محتلة، فبشار المجرم لم يعد له أي قيمة هو أو نظامه سواء في حال بقي الروس في البلاد أو غادروها.
هذا الخطاب سيعيد خلط الأوراق أمام المحتل الروسي ومن الممكن أن يعيد تأهيل ثورتنا كثورة شعبية أمام العالم، بعد أن لعبوا عليها وحولوها إلى ثورة إرهاب بفضل ما دسّوه في سوريا من مخربين.
Sorry Comments are closed