عـروس المـدائـن
قصيدة للشاعر: عمر إدلبي
إلى حمص مدينة الحب والطيبة
أُسَمِّي نَسَائِمَها عطرَ أُمِّي.. و أَغفو
لتنموَ قُربَ وسادةِ نَومي حَكايا العَبيرِ ،
وأسموَ أعلى من النَّخلِ ، أَندَى من اليَاسمينْ .
أُسَمِّي شوارعَها السُّمرَ زوَّادةً للغناءِ الشَّفيفِ ،
أُسَمِّي المَفَارقَ عُشَّ الرِّفاقِ ،
تُخَبِّئُ أَسرابَ أَحلامِنَا
وأُسَمِّي الصَّنوبرَ ذاكرةَ العشق
يحفظُ في صدرِهِ شكلَ أَسمائِنَا
والحروفَ الّتي اختصرَتْ من نُحِبُّ
وقلباً يُقَطِّرُ نارَ الحنينْ .
لأيقونةِ الرُّوحِ ،
تلكَ التي أَنبَتتْ نهرَها عاصياً للمسَاراتِ
أُشعلُ قنديلَ عمري وقلبي يميلُ.
لحمصَ عروسِ المدائنِ والزعفرانِ ،
أُقيمُ صباحَ القوافي على قُبَّةِ الغيمِ أُرجوحةً
حيثُ تغفو اليماماتُ في حضنِ داليةٍ
تَحتَمي في صبَاهَا الفُصُولُ.
وحمصُ الّتي خَبَّأتنِي صَبيَّاً برمشِ حجارتِها السُّودِ
ثم استَوَتْ كملاكٍ على عرشِ قلبي ،
أُحِبُّ اشتعالَ المحبَّةِ كالأنجمِ الزّهرِ
تحت قناطرِ أبوابها ،
وأحبُّ نداء مآذنها.. يرسل النورِ حول رنينِ كنائسها
ويطول العناقُ الجميلُ.
وحمصُ التي لَوَّنَتْ صوتَ شعري
بأوتارهَا الخُضْرِ ،
أَغْرَقُ أَعْمَقَ
مِنْ أَيِّ صفصافةٍ في ندى راحتيها
لألمسَ أروقةً من حجارِ
تضيءُ إذا مسّها الطيبونَ
وتهمي حناناً كما الأمهات.
أنا العاشقُ الطِّفلُ يا حمصُ ،
هل أشتهي رحلةً بين كفِّ الأَراجيحِ
كيمَا يرفرفَ شَعري الصَّبيُّ
على دفترِ العيدِ والأُمنياتْ.
وهل أَشتهي بعد هذا الخرابِ
ولو نسمةً من عطوركِ
تملأ صدري ببعض الحياة!
لأنَكَّ قلبي
أخبئ نبض حروف اسمك العذب بين ضلوعي
وأمضي إلى لهفتي وحنيني
تغالبني دمعة الذكريات.
سلامٌ عليكِ ،
سلامٌ على شجر الضُّوءِ
ينْبُتُ من هدأَةِ الفجرِ
من وجنتيكِ .
سلامٌ على من يُخبِّئُ أَحلامَهُ بالسَّماءِ
على راحتَيكِ .
سلامٌ عليكِ ، سلامٌ عليَّ ،
فقد ضيعتني المنافي
وتقتلني فكرة الموت دون ترابكِ
يحنو على لهفتي ليديكِ .
* * *
عذراً التعليقات مغلقة