هل تلوح بالأفق بوادر أزمة ديبلوماسية سعودية ألمانية؟

فريق التحرير19 نوفمبر 2017آخر تحديث :
وزراء خارجية ألمانية ولبنان والسعودية – جريدة الشرق القطرية

DW العربية بتصرف – حرية برس : 

لاحت في الأفق بوادر أزمة سياسية جديدة بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الألماني وسحب المملكة العربية السعودية لسفيرها في برلين.

بداية الأزمة وأسبابها:
بدأت الديبلوماسية بين البلدين بعد تصرح وزير الخارجية الألماني يوم الخميس الماضي والتي لمّح فيها إلى أن رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري محتجز ضد إرادته في الرياض، موجهاً – على غير العادة – انتقاداً شديد اللهجة للسعودية وقال “إنه يجب أن تكون هناك إشارة مشتركة من جانب أوروبا، بأننا لم نعد مستعدين للقبول بصمت لروح المغامرة، التي تتسع هناك منذ عدة أشهر”. وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اللبناني جبران باسيل في برلين أن “لبنان يواجه خطر الانزلاق مجدداً إلى مواجهات سياسية خطرة وربما عسكرية”.
فكان الرد السعودي باستدعاء سفيرها في برلين للتشاور، وقال مصدر في وزارة الخارجية السعودية لوكالة الأنباء السعودية (واس) : “إن مثل هذه التصريحات العشوائية المبنية على معلومات مغلوطة لا تدعم الاستقرار في المنطقة” مضيفا أنها “لا تمثل موقف الحكومة الألمانية الصديقة التي تعدها حكومة المملكة شريكاً موثوقاً في الحرب على الإرهاب والتطرف وفي السعي لتأمين الأمن والاستقرار في المنطقة”. كما ذكرت وزارة الخارجية السعودية أنها ستسلم سفير ألمانيا لديها “مذكرة احتجاج” على هذه التصريحات “المشينة وغير المبررة”، كما وصفتها.

ويعتقد الدكتور زهير الحارثي أن “الخلفية الايديولوجية للوزير” – في اشارة منه لانتماء وزير الخارجية الألماني للحزب الاشتراكي الديمقراطي – ربما أثرت على ” عمله السياسي ” وينصحه خلال حديث مع قناة DW عربية ” ألا يقحم قناعته الشخصية بعمله، المفروض أن يكون لصالح بلده”، ويرى الحارثي وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السعودي، أن تصريحات الوزير الألماني “مستغربة” و”غير لائقة” و”لا تعبر” عن الخطاب الرسمي للسياسة الخارجية الألمانية. واصفاً العلاقات بين البلدين بأنها “تاريخية”، والمصالحَ بأنها “ضخمة”. مضيفاً يبدو أن الوزير الألماني “غير مُلم بالتاريخ وعمق العلاقات بين البلدين والقيادتين”.

في المقابل دافعت برلين عن مواقف وزير الخارجية زيغمار غابرييل. وقال متحدث باسم الوزارة يوم أمس السبت “يساورنا قلق كبير حيال استقرار المنطقة في ضوء الأوضاع الراهنة، وندعو كافة الأطراف إلى خفض التوترات”، مضيفاً أن “التحدث عن ذلك علانية أمر جائز وبديهي بين الشركاء الدوليين المرتبطين بعلاقات وثيقة. نحن نوجه رسالتنا إلى كافة الأطراف الفاعلة في المنطقة”، في إشارة إلى الدول الأخرى غير السعودية.

 

لكن هل فعلا كانت تصريحات الوزير الألماني تغرد خارج سرب السياسة الرسمية للحكومة الألمانية ؟

يذكر الصحفي الألماني شتيفان بوخن، الخبير بشؤون الشرق الأوسط، في حوار مع قناة DW العربية بالتقرير التحليلي لـ وكالة المخابرات الخارجية الألمانية (BND)، الصادر في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 2015، وفي هذا التقرير تحدذر الوكالة من “الدور المزعزع للاستقرار في العالم العربي للمملكة العربية السعودية” وجاء فيه أن “سياسة الدبلوماسية الحذرة لأعضاء العائلة الحاكمة القدماء تم استبدالها بسياسة تَدَخل متسرعة واندفاعية”. وأشار التقرير آنذاك -وبشكل نقدي خاص- إلى دور محمد بن سلمان، وزير الدفاع. وتحدث التقرير عن مخاوف من تركيز سلطات السياسة الخارجية والاقتصادية بيد محمد بن سلمان ولي العهد حالياً موضحاً أنه “يحمل بين طياته الكثير من المخاطر، ويَكون مثيراً خصوصاً إذا حاول الأخير تثبيت أقدامه كولي للعهد في ظل ولاية والده. فبإجراءات مكلفة أو إصلاحات باهظة الثمن سيثير غضب بقية أفراد العائلة الملكية الحاكمة وفئات واسعة من الشعب”.

مضيفاً : “من الناحية السياسية، تريد ألمانيا المحافظة على نوع من التوازن في توجيه النقد لكل من إيران والسعودية؛ فكلاهما عاملان فاعلان في الصراعات والتوترات”. موضحاً أن ” برلين لا تستطيع غض الطرف عن الطبع المائل للمجازفة لولي العهد.” وذكّر أن ألمانيا فعلت نفس الشيء مع الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، الذي كان مجازفاً ومثيراً للجدل مثل محمد بن سلمان.

التهديد بالعقوبات الاقتصادية:

أوضحت صحيفة “دي فيلت” الألمانية على موقعها الإلكتروني في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2016 أن السعودية هي شريك أكثر أهمية من السويد وسويسرا بالنسبة لألمانيا من الناحية التجارية. وأضافت الصحيفة، التي استندت إلى تقرير لمؤسسة “Freedom House” الأميركية، أن السعودية هي ثاني أهم شريك اقتصادي لألمانيا في المنطقة، بعد الإمارات العربية المتحدة؛ فقد بلغ حجم الصادرات إليها في العام 2014 ما يقارب 8.8 مليار دولار. وتحتل السعودية المرتبة الثامنة عالمياً من حيث الأهمية التجارية بالنسبة لألمانيا.

وطالب الحارثي ألمانيا بـ”الاعتذار” محذراً من “استمرار الوزير بتصريحاته في المس من سيادة وكرامة المملكة وقيادتها”. وأضاف أن السعودية “ليس من طبعها التصعيد”، إلا أنه لا يستبعد أن تلجأ المملكة لكل الوسائل المشروعة لتحقيق مصالحها، ومنها “العقوبات الاقتصادية”.

بدوره يرى ” بوخن” أن الأزمة “عابرة” وستمر، ويضيف “وحتى لو وصلت لمرحلة سحب السفيرين، فسيعودان إلى عملهما بعد أيام”. ويشدد الصحفي والخبير بشؤون الشرق الأوسط على أهمية الجانب الاقتصادي في العلاقات: “ألمانيا معنية ببيع منتوجاتها الصناعية للسعودية، ومنها الأسلحة”.

ويشار إلى أنه وحسب تقرير مؤسسة “Freedom House” بلغ حجم صادرات ألمانيا من الأسلحة للسعودية حوالي 209 مليون دولار في عام 2014. ولكن حسب أرقام “وزارة الاقتصاد والطاقة” الاتحادية فإن حجم المبيعات ارتفع إلى نحو الضعف بين عامي 2015 و2016 من 270 مليون يورو إلى نحو 530 مليون يورو.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل