ترجمة إسراء الرفاعي – حرية برس:
قالت شبكة فوكس نيوز الأميركية، إن على الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغيير سياسته تجاه سوريا بشكل عاجل.
وأوضحت الشبكة في تقرير، أن سوريا خسرت مئات الآلاف من الأرواح، ولا يزال ملايين من سكانها مهجرين، فضلاً عن العديد من السوريين الذين يعانون من إصابات جسدية ونفسية لا يمكن حصرها. بالإضافة لأعداد ضخمة من الأطفال الذين أمسوا دون عائلات أو حتى منازل، إضافة إلى قرى بأكملها ومجتمعات زراعية لم تعد موجودة، والمدن في حالة خراب. وفيما يلي النص الكامل للتقرير:
لقد استفادت الأنظمة المعادية والجماعات المتطرفة من الفوضى واليأس الناجمين عن تداعيات الحرب الأهلية السورية المزلزلة والاضطرابات التي تعصف بالشرق الأوسط. سيكون من الصعب جداً في هذه المرحلة المتأخرة أن تتخذ أميركا سياسة صائبة تجاه سوريا، إلا أن الرهانات الأخلاقية والاستراتيجية مرتفعة جداً بحيث لا مجال للخطأ. حيث ينبغي لإدارة ترامب إجراء مراجعة عاجلة للسياسة، كما فعلت بالنسبة لكوريا الشمالية وإيران.
إن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في سوريا يعوقها التركيز المنحصر في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية ،والتقليل من شأن التهديد الذي يشكله النظام السوري المتعطش للدماء وحلفائه. بالإضافة إلى عدم توجيه الاهتمام الكافي بالفظائع ومحنة المدنيين، والفشل في معالجة التعقيدات والاستعداد للمستقبل.
وقد كان المسؤولون في إدارة أوباما في الغالب خاملين وصامتين إزاء الحرب الأهلية المحتدمة في سوريا، والعدد المأساوي من الخسائر البشرية الذي خرج عن نطاق السيطرة. ولم يفعلوا شيئاً يُذكر رداً على مذابح نظام بشار الأسد، أو أي من حالات اختفاء القسري، والتعذيب المنظم، والحصار، والمجاعة، بالإضافة واستخدام البراميل المتفجرة والمدفعية الثقيلة والأسلحة الكيميائية تجاه المدنيين.
والأسوأ من ذلك، أن إدارة أوباما قد أرجأت “خطط السلام” الروسية بينما كانت تقاوم الدعوات بفرض عقوبات قوية على سوريا، و إنشاء ممر إنساني ومساعدات جادة للمعارضين الطامحين للديمقراطية. مما أدى لمنح نظام الأسد مزيداً من الوقت. وقد واصلت إدارة أوباما تأجيلها إلى روسيا، واقتراح “دور بناء” لإيران ، وذلك حتى بعد دخول الميليشيات الإيرانية والقوات الجوية الروسية إلى الحرب مع الأسد.
لقد مكّن الفراغ الناجم عن إهمال الولايات المتحدة والأمم المتحدة كل من إيران وروسيا جنباً إلى جنب مع الجماعات المتطرفة من سرايا القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، والنصرة، وحزب الله، و داعش السيطرة اليوم.
وقد وضع نظام الأسد و روسیا نفسھما کأفضل بدیل عن الإرھاب الإسلامي بعد انهيار تنظيم الدولة الإسلامية، علی الرغم من أنھما تركا التنظيم وشأنه في الغالب في الوقت الذي کانا يشنّان هجمات وحشية على مناطق المعارضة و المدنيین.
ومع حلول موعد تنصيب الرئيس ترامب، فإن تفكير إدارة أوباما الطامح بأن روسيا يمكن أن تكون “شريكاً” في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وأن إيران يمكن أن تلعب “دوراً بنّاءاً” في سوريا والعراق، وأن الشعب السوري يمكن أن “يتعايش” “مع نظام تسبب بالكثير من الرعب والألم_ كانت محض أوهام واضحة.
وقد ضاعفت إيران بالفعل من أنشطتها العنيفة والمزعزعة للاستقرار، كما عملت روسيا ضد المصالح الأمريكية وساعدت الأسد في كل المنعطفات.
وبدا أن كل من فريق السياسة الخارجية وفريق الأمن القومي في إدارة ترامب قد رسما في البداية مساراً أفضل ، حيث تم فرض عقوبات جديدة كبيرة ، كما تمت الاستجابة لعلميات عسكرية محدودة عندما استخدمت القوات الموالية للأسد الأسلحة الكيميائية وهددت التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
أكدت إدارة ترامب أنه “لا يمكن أن يكون هناك سلام أو استقرار أو عدالة طالما بقي الأسد في السلطة” وأن روسيا وإيران “تدعمان قتل شعبه”. لكن روسيا استولت على المشهد مرة أخرى في مؤتمر أستانا الأول، حيث طرحت اقتراحاً بشأن “مناطق خفض التصعيد” وتم فرضها من قبل روسيا وإيران وتركيا. وفي حين كانت إدارة ترامب متشككة بشأن النوايا الروسية، إلا أنها لم توفر بدائل.
لقد كانت المعارضة السورية تعرف إلى أين سيؤدي ذلك. حيث سمح “وقف إطلاق النار” برعاية إدارة أوباما وروسيا للأسد بتعزيز المكاسب العسكرية وإعادة التحشيد. ثم هاجمت قوات النظام قوات المعارضة التي انسحبت جنباً إلى جنب مع المدنيين العزل.
ولا بد للمرء أن ينظر فقط إلى “مناطق خفض التصعيد” في إدلب وأماكن أخرى ليعرف أن مؤتمرات أستانا تخدم أغراضاً مماثلة، فقد حقق الأسد انتصارات في الغرب، واتجه إلى الشمال والشرق، حيث ارتفعت إصابات المدنيين بينما كانت القوات الحكومية تشن غارات في المناطق المخصصة للحماية.
وقد استهدفت القوات الموالية للأسد تنظيم الدولة الإسلامية ، ولكن بهدف ضرب سلطات أخرى في ضربة واحدة إضافة إلى السيطرة على الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية. والآن بعد أن تمكن الأكراد السوريون و قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من طرد تنظيم الدولة الإسلامية من الرقة، فمن المرجح أن تتحول قوات النظام إلى مواجهة الأكراد ، تماماً كما فعلت القوات العارقية المدعومة من إيران في كركوك.
يواجه السكان الفارين من تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق انتهاكات خطيرة من قبل الميليشيات الإيرانية وغيرها. وكما أشار “مايكل بريجنت” من معهد هدسون: “لقد باعت إيران نفسها كفاعل مسؤول في العراق”. وما زال العديد من الأمريكيين يقللون من دور إيران المؤذي والمهم في قوات الأمن العراقية وأجهزة الاستخبارات والوزارات.
وفي نهاية المطاف، فإن إيران تريد إنشاء ممر أرضي انطلاقاً من طهران ومروراً في بغداد إلى دمشق إلى بيروت. كما تريد روسيا الاستفادة من نجاحها في إنقاذ الأسد ووجودها البارز الآن في الشرق الأوسط. ويشكل التعاون التركي والأردني المتزايد مع روسيا شهادة على الجرأة والضغط الروسي.
وبالنظر إلى كل هذا، فإن الولايات المتحدة والأمم المتحدة بحاجة إلى مبادرات جريئة وتأكيد النفوذ. وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب يحسن العلاقات مع الدول السنية التي يمكن أن تتصدى لإيران، وقد أعلن عن عقوبات قوية على قوات الحرس الإيراني، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى استراتيجية سليمة تجاه سوريا.
إن قبول الوضع الراهن في سوريا هو فكرة سيئة من شأنها أن تزيد الأمور سوءاً فقط، فلا شيء مستقر في أرض المعاناة تلك. و إن الأسد سيجد طرقاً جديدة لقمع المعارضين والمدنيين وإرهابهم وقتلهم. و إن المعتدلين السنة الذين نحتاجهم إلى جانبنا إذا أردنا هزيمة الإسلاميين الإرهابيين، قد يفقدون الإيمان في “العالم الحر”.
بالإضافة إلى ذلك، سيحصل الشيعة الإيرانيون على معاقل جديدة وسيتم الضغط على الشيعة المعتدلين للانضمام إليهم. وعلى الرغم من تضاؤلها، إلا أن القوات المناهضة للنظام المتباينة ستواصل القتال. دعونا لا نخدع أنفسنا في الاعتقاد بأنه طالما أننا هزمنا تنظيم الدولة الإسلامية فإنه يمكننا أن نجد نوعاً من التوازن.
يجب أن تكون الأولويات الأساسية لسياسة أمريكية جديدة تجاه سوريا: محاولة إدانة الأسد لارتكابه جرائم الحرب، ردع روسيا وإيران، إيلاء المزيد من الاهتمام لمعاناة وإصابات المدنيين، تشكيل مناطق آمنة، والضغط على دول الخليج الغنية لمساعدة اللاجئين. فإنه وقت بعيد جداً للنظر في الصورة الكبيرة واللعبة طويلة الأمد.
Sorry Comments are closed