بينما تقاتل القوات المدعومة من الولايات المتحدة للإطاحة بتنظيم الدولة الإسلامية في آخر معاقله في الرقة ، فإم مجلس المدينة قد بدأ العمل بالفعل لإعادة الحياة لمدينته المدمرة. حيث بدأ المهندسون والمحامون السوريون في مقرهم الرئيسي في عين عيسى 50 كلم شمال الرقة بتحديد الأولويات لإعادة بناء مدينتهم التي مزقتها الحرب.
وقال “محمد حسن” (27 عاماً) مهندس وعضو في مجلس الرقة المدني : “نحن نعرف كل شبر في الرقة، وكل ما نحتاجه هو إعلان التحرير الذي نتوقع أن نسمعه في الأيام القادمة”.
وقد وضع خريطة للمدينة مشيراً إلى وجود محطتين لضخ المياه التي تحتاج إلى ترميم، بالإضافة إلى شوارع رئيسية تحتاج لإزالة الأنقاض منها.
وقد استعادت القوات المدعومة من الولايات المتحدة حوالي 90% من الرقة منذ حزيران/يونيو، إلا أن جزءاً كبيراً من المدينة قد تحول إلى دمار بسبب القصف العنيف الذي جعل شوارع بأكملها غير معروفة.
وقد تم ركن بعض الجرافات خارج مكتب المجلس في إشارة للحماس إلى مباشرة العمل، ويتألف بناء المجلس المدني للرقة من طابقين ،وقد تمّ تأسيسه منذ ستة أشهر من قبل قوات سوريا الديموقراطية. ويضم أكثر من 100 متطوع و متطوعة من المدينة وضواحيها، من مختلف الأعمار والطوائف الدينية والأعراق والخلفيات المهنية ، وقد تقسيمهم إلى 14 لجنة عمل وتوظيفهم في مختلف المجالات كإعادة فتح المدارس، وصيانة إمدادات المياه والكهرباء، بالإضافة إلى إصلاح المستشفيات والمنازل.
وأفاد رئيس لجنة إعادة الإعمار أن الأولوية الرئيسية هي إزالة العبوات الناسفة التي تركها الجهادية في شوارع الرقة ومؤسساتها العامة فضلاً عن بعض المنازل.
وقال المهندس “إبراهيم حسن” لوكالة “فرانس برس”: “إنه تحدٍّ ضخم، فلا يمكننا عمل أي شيء آخر قبل التخلص من الألغام، وإن المرحلة الثانية هي ترميم شبكات المياه والكهرباء، وبعد كل ذلك يمكننا الانتقال إلى المدارس ، هذه هي الأولويات الأساسية”.
وأضاف “حسن” أنه من المرجح استيراد معظم مواد البناء من المناطق الكردية المجاورة في العراق ، و إن الجرافات المركونة خارج مبنى المجلس هي الدفعة الأولى من أصل 56 آلة والتي من المقرر أن يستلمها المجلس خلال الأسابيع القادمة كجزء من المنحة التي قدمتها وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال مسؤول أمريكي في العمليات المدنية في سوريا أن كلاً من الحكومة الأمريكية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة سيشاركان في “مشاريع قصيرة الأمد وذات تأثير سريع” لإعادة الحياة إلى الرقة.
وستشمل هذه المشاريع دعم عمليات إزالة الألغام من المباني الهامة كالمدارس والمستشفيات، وتوفير الدعم الغذائي والصحي بمجرد استعادة الرقة.
وصرح المسؤول الأمريكي لوكالة “فرانس برس” : “لن نكون موجودين هنا إلى الأبد لنصلح كل شيء ، فليس لدينا أي مال أو رغبة في قضاء 20 عاماً هنا لإزالة الألغام”.
وقال مسؤول أميركي ثانِ في عمليات المساعدة العاجلة لسوريا فإن الولايات المتحدة قد ساعدت المجلس المدني في الرقة بما يزيد عن 900 طن من الأغذية بما فيها الأرز، الفول، والقمح، وذلك لتوزيعها فور انتهاء معركة الرقة. كما تم تخصيص خزانات مياه، صهاريج للصرف الصحي، بالإضافة إلى مستلزمات طبية شخصية تغطي عشرات الآلاف من المدنيين الذين من المتوقع عودتهم إلى المدينة.
وبحسب ما ذكره “عبدالله عريان” عضو في المجلس المدني في الرقة ، والذي قد زار روما الشهر الماضي برفقة أعضاء آخرين للحصول على أموال دولية، فإن الاتحاد الأوروبي قد تعهد بتقديم حوالي 3.5 مليون دولار (3 ملايين دولار) لتمويل مشاريع إزالة الألغام.
وقال “عريان” لوكالة “فرانس برس”: “لقد تم تدمير الرقة كي لا يطال الإرهاب واشنطن أو باريس أو لندن، إن أولئك الذين شاركوا في تدميرها يجب أن يكونوا شركاء أيضاً في تطويرها”.
إلا أعضاء المجلس المدني في الرقة لم يستطيعوا بعد أن يحددوا الميزانية لإعادة بناء الرقة، وذلك لأن الهجوم المستمر يعني أنه ليس بإمكانهم دخول الرقة بعد.
وقالت المهندسة “ليلى مصطفى” وهي رئيسة مشاركة في المجلس المدني في الرقة : “لن تكون الرقة ذات المدينة التي غادرتها منذ خمس سنوات، هناك الكثير من الألم” .
كما حثّت المجتمع الدولي على تحمل مسؤولية إعادة بناء مدينتها ، إلا أنها استبعدت أي دور في ذلك لحكومة بشار الأسد.
وأضافت : “على المستوى الشخصي وعلى صعيد العمل مع شركات (في المناطق التي يسيطر عليها النظام) ليس لدينا أي مشاكل، لكننا لن نتعامل مع النظام سياسياً أو اقتصادياً”.
عذراً التعليقات مغلقة