ماذا اصطحبتَ ياغريبُ إلى منفاكَ
سوى ذكرباتٍ
ضممتها بين ضلوعكَ
وسمّيتها ـ حينَ نهنهكَ البعدُ عن الوطنِ ـ وطنا…
أَ أَوجعكَ الحنينُ بعيداً عنِ الدّيار؟
أنا مِثلكَ في هدأةِ هذا الّليلِ
أوجعني الحنين°…
غرباءُ نحنُ
وفي الغربةِ يتواطئُ كلُّ شيءٍ ضدِّ الغرباءِ…
الأماكنُ تمسي مفخَّخةً بالذّكرياتِ
وليلي يصيرُ (كموجِ البحرِأرخى سدولهُ عليَّ بأنواعِ الهمومِ ليبتلي )
أوّاهِ ياامرؤ القيسِ كم كنتَ غريباً وحزيناً وشريدا..
يا امرؤ القيسِ دُلّني
إلى إصباحٍ أمثلِ
لا الرّومُ نصرتني ياذا القروحِ
ولا أخوةٌ لي..
* * *
وانتهينا غرباءَ في شتّى جهاتِ الغيابِ
نتسوّلُ سماءً تصلحُ للعصافير ِ
وأرضاً تُتِمُّ فيها الورودُ دورةَ العطرِ دونَ بارود..!
غرباء صرنا..
وها نحاولُ ردمَ الغيابِ بالتّخيُّلِ
فلا يرشقنا التّخيُّلُ إلّا
بنوباتِ الحنين..
نتخيلُنا في شوارعِ الوطنِ؛
نتمشّى في
حاراتِ ذكرياتنا الأولى
نمرُّ على أبوابِ البيوتِ المسكونةِ بالغائبينَ ..نقرعُها
ونسألُ عنّا
نسألُ عنّا
فيُجيبنا الصمتُ :
لا أحدَ
لا أحد°…
فنبكي…
وتبكي معنا الأبوابُ
ونصيحُ على قارعةِ النّدم ِ:
يا أبوابُ ألا تغفرينَ غيابنا
ويشفعَ لنا نُحولُ أرواحنا
مِن فرطِ الحنين …
* * *
غرباء نحن في هذا الليلِ والمنفى..
وطويلٌ ليلُ الغرباء..
فدعنا ياغريبُ إذن
نتقاسمُ الدّمعَ والّليلَ معاً
فقد أمسينا
ذكرياتٍ
على قيد الوطن..
شعر: سليمان نحيلي
عذراً التعليقات مغلقة