مع توالي العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الارهابي في شمال شرق سورية، وخروج مساحات جديدة يومياً من الأراضي السورية من سيطرة التنظيم لتنتقل لسيطرة الميليشيات الانفصالية لحزب pyd، تتجه الطروحات لتشكيل مجالس إدارة محلية للمحافظات المحررة من أهالي وسكان تلك المناطق، كي تديرها بعد أن وعدت الإدارة الأمريكية بإخراج ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية “قسد” منها بعد إخراج تنظيم داعش الارهابي.
ولمواجهة الاستحقاقات التي تترتب على خروج داعش من تلك المنطقة، ولمواجهة الفراغ الذي سيترتب، التقى في اسطنبول سياسيون ووجهاء من مدينة الرقة مع مسؤولين في خارجية بعض الدول الأوروبية، تلخصت المطالب في أن يحكم أبناء هذه المناطق مناطقهم، وإخراج كل الميليشيات الانفصالية منها بعد دحر تنظيم داعش الارهابي.
كما تم انتخاب مجلس لمدينة إدلب منذ فترة قصيرة، مع العلم أن هذا المجلس لم يستطع تسلم مهامه بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام، النصرة سابقاً على مدينة إدلب،، وجاري النقاش بين أهال يحوارن لتشكيل مجلس لإدارة مدينة درعا … الخ، بالإضافة لتجربة المنطقة الآمنة التي أنجزتها قوات درع الفرات بتعاون ودعم وإشراف تركي.
إننا نعتقد أنه إن استمرت هذه التجارب، وتطورت في الاتجاه الصحيح فستكون هذه أولى مراحل التغيير المنشود، أما إن أسيئ التعامل مع هذه الظاهرة فستكون أولى مراحل التقسيم والاقتتال الذي لا ينتهي.
إن تشكيل إدارة محلية لديها سلطات واسعة، وتعمل بإشراف من حكومة مؤقتة جامعة تضم ممثلين عن كل قوى المعارضة موضوع مهم جداً، فهو يعمل على ايجاد نموذج حضاري يمثل بديلاً أخلاقياً عن سلطة عائلة الأسد، وهو ما حاربه النظام بشدة منذ بداية تحرير المناطق عبر القصف المستمر وإلغاء أية امكانية لإيجاد مثل هذا البديل، وإن أحسنا الاستفادة من التطورات الجارية حالياً، فقد نتمكن من تحقيق ما عجزنا عنه سابقاً.
تبقى طريقة الإدارة، معياراً مهماً من معايير النجاح في تقديم البديل المناسب في الوقت بدل الضائع الذي نعيشه، وهي تعتمد أساساً على ترك حرية النشاط السياسي لجميع القوى السياسية في تلك المناطق، والاعتماد على شرطة محلية مدنية محترفة، وإخراج كافة المقرات والقوى العسكرية من المدن، ومحاربة الفكر المتطرف، وطرد القوى الارهابية المتطرفة من المدن، وخصوصاً في ادلب المهددة بمحرقة إن لم تستبق الأمور، وقد بدأت المحرقة فعلاً بالقصف الوحشي التي تشهده المدينة من طيران بوتين والأسد منذ أكثر من أسبوع، وهو ما يرتب على الاهالي مهمة ملحة تتمثل بطرد الجماعات المتطرفة من مدينتهم، واعتماد قضاء ونظام موحد يجمع تلك المناطق مع بعضها البعض ضمن برنامج وطني، قبل أن تعيد القوى الدولية الاعتبار لعصابة الأسد – شهدنا بعض مؤشراتها من تصريحات روبرت فورد وبعده ماكرون- أو تسير بمشروع تفتيت سورية.
عذراً التعليقات مغلقة