ضحايا إعصار مُدمر – يضاهي ما تُحدثه قنبلة نووية – سبعة وعشرين شخصاً، لا دمار أعظم من ضياع حياة إنسان!
صاح الرجل بأعلى صوته منتشياً: “الله أكبر.. هذا عذاب الله على القوم الكافرين”!
وفي بلادنا سقط المئات، لمجرد هطول أمطار موسمية أو خطأ طبي أو حادث مقصود من إبنٍ مدلل طائش لمسؤول فاسد.
ومات أضعافهم جراء تفشي مرض الكبد في سوريا، والكوليرا في اليمن، والفقر في مصر والسودان والصومال …
ومات أضعاف أضعافهم لأن احداً يرى في حكمه حقاً سماوياً، وآخر يرى فيه حقاً شخصياً بتملك دولة وشعبها.
هنا يحق للعاقل أن يسأل ذات الرجل المنتشي الصارخ بتكبيراته الشامتة: أيهما بالضبط عذاب الله؟ ومن يستحق فعلاً وصف “القوم الكافرين”؟
كله عذاب وإن اختلفت الأسباب، وهذا واقع، لكن انظر إليهم كيف أنه بعد كل هذا الدمار لم يمت سوى 3 أشخاص!!
انظر إليهم كيف يتفانى قادتهم في خدمة مواطنيهم لحمايتهم من الخطر وكيف يستعدون لمواجهته بكل ما أوتوا من طاقة وجهد وإمكانيات!
أما الكافر فمعروف من هو .. هو من تخلى عن مسؤوليته عن البشر، وكفر بإنسانيتي وانسانيتك واستهان بحياة الخلق، هو نفس الشخص الذي يستطيع أن يمشي رافعاً ثوبه الى ما فوق ركبتيه ، ويتحدث امام الكاميرات، وبإمكانه أن يتلفظ بأبشع الألفاظ أمام الأطفال، الصبيان منهم والفتيات، والنساء، وأن يقضي حاجته في الشوارع والطرقات أمام الجميع بلا خجل ولا حياء، لكنه قبل كل هذا سيحمرّ وجهه وتنتفخ أوداجه ويثور غضباً وغيرة عليك، لمجرد نشر صورة لك مع زوجتك، بل لمجرد أن تذكر اسم قريبة لك علناً في احدى كتاباتك!
المشكلة الحقيقة ليست في دين معين أو حتى جنس معين أو قارة معينة، فأنا هنا كما أشير بإصبعي لذاك المدعي الإيمان، أشير بنفس الإصبع لمدعي الإلحاد الذي يرد على المؤمنين أن هذه مجرد ظواهر تحصل صدفة، ولا علاقة لسلوك البشر في حدوثها، وهذا بالمناسبة رد يتعارض مع العلم قبل الإيمان…. فالعلم يؤكد جود ارتباط بين التلوث الناجم عن النشاط الصناعي بما هو فعل بشري، وبين الاحتباس الحراري والتبدلات المناخية، فمن غير المجدي هذا التسابق لنفي ما هو مثبت علمياً فقط لمجرد الرد على المؤمنين، حتى ولو كان المؤمنون (أكثريتهم) ضعيفي الحجة ولا يملكون الأدلة العلمية الكافية لدعم موقفهم الإيماني، فلا الإنكار ينفع و لا حتى الشماتة …!
صحيح أن كوارثنا الطبيعية بسبب المناخ أقل من كوراث قارات أخرى، لكن كوارثنا الإجتماعية والسياسية والأخلاقية تحصد يومياً مئات الضحايا من الأبرياء!
قديماً قال قائل: العقل زينة.. فمتى يتحلى البعض بالشجاعة الكافية لاستخدام عقولهم قبل ألسنتهم؟!
عذراً التعليقات مغلقة