بموافقة روسية سعودية إسرائيلية.. مصر لاعب جديد في سوريا

رانيا محمود22 أغسطس 2017آخر تحديث :


لقد دخل لاعب جديد ومفاجئ مؤخراً الساحة السورية وساهم بالفعل في تفعيل وقف إطلاق النار المحلي، حيث حصلت مصر على إذن سعودي _ روسي لإجراء مفاوضات بين فصائل ثورية ونظام الأسد في كل من الغوطة الشرقية بريف دمشق والريف الشمالي في مدينة حمص، وتمكنت مصر في كلتا القضيتين من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 22 يوليو/تموز السابق.

ويُذكر أن كلا المنطقتين جزء من مناطق تخفيف التصعيد التي وافقت عليها روسيا وتركيا وإيران في مايو/أيار الماضي بالتشاور مع الولايات المتحدة. ولكن هذه المرة الأولى الأولى التي تلعب فيها مصر دوراً نشطاً في المفاوضات بين الأطراف المتنازعة والتي حققت نتائج إيجابية.

ومن وجهة نظر إسرائيل فإن مشاركة مصر مهمة، وإن أي بلد يعمل على حجب نفوذ إيران في سوريا يخدم مصالح إسرائيل، ولاسيما إذا كان هذا البلد مصر، شريكة إسرائيل في الحرب ضد “الإرهاب” في سيناء، وحليفها مع السعودية والأردن والتي تشارك إسرائيل في رؤيتها حول التهديد الإيراني وخطر تفكك سوريا إلى أقاليم.

وتشارك إسرائيل أيضاً في مناقشات حول منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا التي تمتد على الحدود السورية مع كل من إسرائيل والأردن. وستبدأ خلال نهاية الأسبوع الحالي محادثات حول هذه القضية يتزعمها رئيس الموساد “يوسى كوهين” مع كبار المسؤولين الأمريكيين في واشنطن، ومن المقرر عقد اجتماع يوم الأربعاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامن نتنياهو” والرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، ومن المفترض خلال هذه المناقشات أن تدفع إسرائيل القوى العظمى لتشجيع مشاركة مصر في سوريا وبالتالي ضمان شريك عربي آخر (إلى جانب الأردن) يكون متعاطفاً مع مصالحها.

إن مشاركة مصر هي نتيجة للنهج الدبلوماسي الذي اتبعته مصر بعدما تولى “عبدالفتاح السيسي” السلطة في عام 2013. وكان سلفه “محمد مرسي” قد قطع علاقات مصر مع سوريا، لكن “السيسي” قال مراراً أن “مصر تدعم الجيوش الوطنية في حل الأزمات في المنطقة والحفاظ على الأمن” في إشارة واضحة إلى دعمه نظام بشار الأسد وجيشه .

ولئلا يكون هناك أي شك أضاف السيسي “الأسد هو جزء من الحل” في سوريا، وسمح لمدير المخابرات المصرية بالاجتماع علناً مع نظيره السوري “علي مملوك” في القاهرة. وقد عُقد اجتماع مشابه في تشرين الأول/أكتوبر 2016، كما تم إبلاغ وسائل الإعلام العربية عن عدة اجتماعات أخرى بين كبار المسؤولين المصريين والسوريين خلال العام الماضي.

وقد حضر وفد من كبار رجال الأعمال المصريين ومسؤولون معرضاً تجارياً في دمشق في الأسبوع الماضي، وأشاد وزير خارجية نظام الأسد “وليد المعلم”بحفاوة بهذا الدعم النصري قائلاً إن حجم الوفد “يعكس رغبة اخواننا المصريين في تعزيز العلاقات بين دولنا”.

وبالنظر إلى المقاطعة العربية لسوريا وطردها من جامعة الدول العربية، فإن حضور الوفد المصري ليس مجرد مسألة مصالح تجارية، بل هو بيان دبلوماسي واضح.

ويفضل “السيسي” بقاء الأسد لأنه يخشى أن تنهار سوريا محدثة عواقب وخيمة ومحتملة في مصر. وحتى وقت قريب لم يلقَ الموقف المصري قبولاً من الجانب السعودي الذي طالب القاهرة بأن توافقها بشأن موقفها الذي يعتبر مغادرة الأسد شرطاً مسبقاً لأي حل في سوريا.

حتى أن المملكة العربية السعودية عاقبت مصر على دعمها لقرار روسي في الأمم المتحدة عن طريق وقف إمداداتها من النفط الرخيص إلى البلاد، الأمر الذي أجبر القاهرة على شرائه من مصادر أخرى بأسعار السوق، مما أدى لاقتطاع جزء كبير من ميزانيتها المتأرجحة أصلا.

وفي ذات الوقت تفاقمت علاقة مصر مع روسيا، على الرغم من صداقاتها المتجددة مع واشنطن بعد تولي الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” منصبه، وأعرب عن تأييده للسيسي على خلاف موقف أوباما البارد تجاهه لكن موسكو وواشنطن لم تشكلا بديلاً عن العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية المصرية مع السعودية، ولا يمكن لهما عقد مصالحة بين القاهرة والرياض.

وكانت نقطة التحول عندما انضمت مصر إلى المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة لفرض عقوبات على قطر، التي كانت أكثر أهمية للرياض من القضية السورية. وعلاوة على ذلك اعترفت الرياض بأنها لا تستطيع تحقيق انتصار عسكري أو دبلوماسي في سوريا، و أن سياستها المتمثلة في في دعم الفصائل الثائرة على الأسد لم تسفر عن أي فؤائد حقيقية لأنها لم تُعق تزايد النفوذ الإيراني في سوريا، إضافة إلى عدم الرضا الذي أبدته السعودية عن تدخل تركيا عسكرياً في الأراضي السورية كجزء مما تعتبره الرياض تحالفاً ثلاثياً بين كل من تركيا وإيران و روسيا، وهو الأمر الذي لا تلعب فيه المملكة العربية السعودية أي دور.

وبالنسبة لروسيا فإن هذا المنعطف مهم. ووفقاً لبعض التقارير تعمل مصر على إعادة العلاقات مع سوريا، وإذا فعلت ذلك فعلياً فمن شأنه أن يمنح نظام الأسد الشرعية المصرية الرسمية، وفي النهاية الشرعية العربية الأوسع نطاقاً. ومن ثم يمكن لمصر أن تسحب البساط من تحت تركيا لتكون وسيطاً في سوريا، مع إعداء سوريا أيضاً بديلاً عربياً لاعتمادها على إيران .

إلا أنه سيكون بعيداً جداً على الأقل في هذه المرحلة التنبؤ بأن دور إيران في سوريا سوف ينهار بسبب مشاركة مصر. ويعزي النظام السوري بقاءه إلى دور إيران و روسيا، وحتى في ظل اتفاق سياسي ستستمر هذه البلدان في العمل كعمق استراتيجي لنظام الأسد.

  • ترجمة: رانيا محمود – حرية برس
المصدر هاآرتس
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل