لقد غلبنا الموت فيكِ يافدوى ..
سنذهب جميعًا إلى سوريا، نعزيّها
هي الثكلى اليوم في رحيل سيدة منصة الحرية، السوريّة حتى نقي العظم، الحالمة بالنصر حتى نهايات الأحلام.
لن نقيم لك سرادق للعزاء، سنردد أشعارك أغنيات في احتفالية النصر، على مسارح دمشق الحرة، لنذهب جميعنا دفعة واحدة إلى ساحة الساعة في حمص، ونهتف لعينيك هتافات البطولة.
إني أرى رفاقك، عمر إدلبي و أبوجعفر المغربل وكثر غيرهم، يبكون صوتك الصداح، الذي غاب مع “العتمة المبهرة” التي أغرقت روحك النادرة فيها.
لماذا اتحدتِ مع الموت والغياب؟
يالجسدك النحيل، الذي كان ينضح بكل أهازيج المقاومة، كيف صمت تحت لعنة الألم اللئيم، وما نطق بالآه.
اليوم أعطيتنا القدرة على الخروج من دائرة الكراهية، بالانتساب إلى وجهك، صوتك، ذاكرتنا معك.
منحتنا فسحة لنعرف ذواتنا، حين استرجع غيابك ملامح الوطن فيكِ.
اليوم عرفنا من أنتِ، حين غادرتنا بكل جلالة، دون صرخة ألم واحدة، وكأن صوتك كان منذورًا للحرية ولا شيء غيرها.
حملت صوتها المجبول بحب البلاد في ساحات دمشق، أيام المظاهرات الطيارة، وصرخت في وجه الطاغية، حرية.
وحين وقفت على منصة المظاهرات في حمص مدينة الكرامة وعاصمة الثورة، مع الساروت يدًا بيد، ومع ثوارها الأبطال هتفت للحرية و للشعب السوري الواحد، وغنت يا محلاها الحرية، كان حلمها يلوح لها في الأفق، سوريا العظيمة بكل نسيجها معًا يدًا بيد، وبالأصوات الممزوجة بالقهر والدمع والهتافات، ضد الاستبداد، بكل مافي أنوثتها من ياسمين قالت:
لا انتماء لي إلا لسوريتي.
تعود في نشأتها للطائفة العلوية، لكنها عاشت خارج تلك الأطر، ولم تعترف إلا بهويتها السورية.
تركت ما حققته منذ تخرجها من المعهد العالي للفنون المسرحية، والتحقت بصفوف الثوار، إلى أن ضيق عليها نظام الأسد الخناق في ملاحقتها، غادرت إلى المنفى الفرنسي.
ولأنها ابنة المسرح، اشتغلت في فرنسا على تعميق وتكثيف خبراتها المسرحية، بالالتحاق بدورة للإخراج المسرحي في باريس- فرنسا.
وظفت خبراتها لصالح الثورة السورية، كانت الصوت السوري الثائر في ساحات التظاهر في فرنسا أينما وجدت.
كتبت صوتها شِعرًا، وصدحت باسم سوريا في مهرجانات عالمية، وعبرت بالوجع السوري إلى العالم، في مسرحيتها ” العبور” لتقول للعالم الصامت، هذه هي سوريا، أم الحضارات سيدة اللغة و منبت الفنون.
فدوى سليمان، التي رحلت بصمت كان يكفيها أن تسمع ضجيج ألعاب وضحكات أطفال سوريا في ملاعب آمنة وبلاد حرة.
سأقول لكِ كما قال درويش لممدوح عدوان،
عالياً، عالياً كان كُل شيء.
عالياً كالأزرق على جبال الساحل السوري، وكما يتسلق العشب الانتهازي أسوار السلطان، تسلقنا أقواس قُزحٍ، لنكتب بألوانها أسماء ما نحب من الأشياء الصغيرة والكبيرة
فلماذا رحلتِ قبل أن تعرفي كم نحبك؟
Sorry Comments are closed