هل تخلت واشنطن عن شرق سوريا لصالح الأسد وإيران

فريق التحرير1 أغسطس 2017آخر تحديث :
عناصر جيش ومليشيات الأسد باتوا قريبين من دير الزور

يحرز جيش الأسد تقدما لافتا في الجهة الشرقية، وسط خفوت الصوت الأميركي الذي كان يعتبرها لوقت قريب خطا أحمر على دمشق عدم تجاوزه.

ووصل جيش الأسد والميليشيات الموالية له إلى ضفاف نهر الفرات، وسيطروا على عدد من البلدات والقرى جنوب شرق محافظة الرقة شمال شرق سوريا.

وقال قائد ميداني يقاتل في صفوف جيش الأسد إن “الجيش السوري وقوات العشائر وصلوا لأول مرة إلى ضفاف نهر الفرات، وسيطروا على عدة تلال ومرتفعات حاكمة وبلدة الغانم العلي وقرى الجبيلي والرابية وحويجة شنآن”.

وأفاد المصدر بأن الجيش “يحاصر الآن باقي عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في بلدات زور شمر والصبخة والشريدة والجبلي والرحبي ورجم هارون وتل المرود”.

ويقاتل إلى جانب قوات الأسد مسلحو العشائر وهم من أبناء محافظة الرقة فضلا عن مقاتلين شيعة مدعومين من إيران، وبهذه الخطوة بات النظام قريبا جدا من الحدود الإدارية لدير الزور.

ويسعى النظام للسيطرة على دير الزور هذه المحافظة الاستراتيجية بالنظر إلى ما تحتويه من ثروات طاقية، فضلا عن موقعها الجغرافي الذي يحد العراق.

والسعي إلى السيطرة على دير الزور بدأ من أكثر من محور، فإلى جانب جنوب شرقي الرقة فتح النظام محورا من ريفي حمص وحماة، وحقق من خلاله تقدما واسعا حيث بات على مشارف مدينة السخنة. كما فتح محورا من البادية السورية.

ويرى مراقبون أن هذا التقدم الذي يحققه النظام على الجهة الشرقية، لا يمكن قراءته بمعزل عن التفاهمات الأميركية الروسية، حيث على ما يبدو هناك اتفاق جار تنفيذه بخطى بطيئة يقضي بأن تكون الجهة الشرقية وخاصة محافظة دير الزور من حصة دمشق، وفي المقابل تبقى الحسكة وأريافها تحت سيطرة الإدارة الذاتية التي يشرف عليها الأكراد.

ويستدل هؤلاء بالموقف المثير الذي اتخذته الإدارة الأميركية قبل أيام بوقف دعمها لأحد الفصائل في ريف حمص الشرقي بسبب تمرده على القرار القاضي بعدم مهاجمة جيش الأسد.

وأعلن البنتاغون الخميس الماضي عن قطع العلاقات مع فصيل “لواء شهداء القريتين”. وأوضح ريان ديلون المتحدث باسم التحالف الدولي أن هذا الفصيل، الذي كانت الولايات المتحدة تعتبره حتى الآونة الأخيرة بين حلفائها على الأرض السورية، أقدم دون أي تنسيق مسبق مع واشنطن أو التحالف على التوغل في منطقة تخفيف التوتر المتفق عليها بين الولايات المتحدة وروسيا، وشن عملية لا تهدف إلى محاربة داعش بل إلى مواجهة قوات الأسد.

وهذه هي المرة الأولى التي يقرر فيها البنتاغون اتخاذ خطوات كهذه بحق فصيل مدعوم منه في سوريا، وأوضح ديلون أنهم يعتزمون استعادة عدد من المعدات العسكرية التي قدمها إلى الفصيل.

وتؤكد الخطوة وفق المراقبين أن الولايات المتحدة قد حسمت أمرها باتجاه وقف أي عمليات تستهدف الجيش في الجهة الشرقية.

ويعتبر هؤلاء أن التصعيد الأميركي في الأشهر الماضية ضد الجيش وقصفه لمواقع تمركزه في البادية السورية على وجه الخصوص لم يكن الغرض منه سوى تحسين شروط التفاوض مع روسيا، حيث أن الولايات المتحدة في واقع الأمر غير حريصة على تثبيت موطئ قدم لها شرق سوريا بقدر ما كان حرصها على ضمان عدم سيطرة إيران على هذا الجانب، وأيضا انتزاع اتفاق بشأن الجنوب السوري المتاخم لإسرائيل (وهو ما تم فعلا).

ويستغرب المتابعون كيف بإمكان الولايات المتحدة ضمان عدم تكريس إيران لنفوذها في الشرق السوري، خاصة وأن ميليشياتها طرف فاعل في عمليات الجيش الجارية في هذا الجانب.

ومعلوم أن إيران تطمح إلى تركيز هلال شيعي يبدأ بالعراق ويمر عبر سوريا وصولا إلى لبنان، ولطالما اعتبرت واشنطن أن هذا تهديد كبير لأمنها القومي لا يمكن السماح به تحت أي ظرف.

وقال كبير مفاوضي المعارضة إلى جنيف محمد صبرا في تصريحات لـ”العرب” إن وصول قوات النظام المدعومة من الميليشيات الإيرانية إلى الضفة الشرقية تطور خطير جدا لا سيما في حال استطاعت هذه القوات الوصول إلى الحدود العراقية لأن هذا يعني أن إيران حققت حلمها بالسيطرة على الجسر البري الواصل من ديالى إلى بيروت.

ولفت صبرا إلى أن هذا التطور لا يمكن فصله عن تطورات الوضع في غرب العراق لأن إيران تعمل على إحكام سيطرة الميليشيات التابعة لها على الجانب العراقي من الحدود السورية العراقية، وهذا سيؤدي إلى تغيير في موازين القوى في المنطقة وليس في سوريا فقط. ويقول البعض إنه لا يمكن القول إن ما يطبخ في الغرف المغلقة الأميركية والروسية بعيد عن إيران، مستشهدين بما يحصل في جرود عرسال والقلمون الغربي الذي بالتأكيد يأتي في صلب التفاهمات الجارية.

 

ويشير خبراء إلى أن الولايات المتحدة تبدو مقتنعة بوضع حد للأزمة السورية ولكن مع ضمانات بوجود قواعد لها في بعض المناطق وأيضا بإبقاء السيطرة الكردية على المناطق التي تم تحريرها من داعش وتبلغ مساحتها أكثر من 20 بالمئة من الأراضي السورية. ويشير هؤلاء إلى أن هذا التوجه الأميركي محفوف بالمخاطر لجهة أنه سيسمح لإيران بتنفيذ خطتها التوسعية في المنطقة.

وقال صبرا “للأسف حتى اللحظة لا وجود لسياسة أميركية واضحة تجاه العربدة الإيرانية في المنطقة، فبينما نسمع تصريحات متشددة ضد إيران من قبل المسؤولين الأميركيين نجد على الأرض تعاونا يتناقض مع هذه التصريحات، ومعركة الموصل قد تكون خير دليل على هذا التعاون بين الجانبين”.

  • نقلاً عن: العرب اللندنية
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل