تسويات ريف دمشق تقتل أحلام أصحابها

فريق التحرير11 يوليو 2017آخر تحديث :
عدد من مهجّري حيّ برزة بدمشق يتجمعون استعداداً للخروج باتجاه محافظة إدلب.

عصفت بهم الظروف فتغير حالهم، فبعد أن كانوا في زمن ليس ببعيد يقاتلون لتحرير مدنهم وبلداتهم تحت مطلب إسقاط النظام وأركانه، غدوا اليوم في صفوف من كانوا يقاتلونه في وجه رفاق السلاح والقضية.

استغلت قوات النظام الشباب المسلحين الذين قبلوا باتفاقيات التسوية والتهجير، وآثروا البقاء تحت سلطة النظام وبصفوفه على الخروج إلى إدلب شمالي سوريا. وبدأت تجنيدهم عبر لجان المصالحة تباعا تحت ذريعة حماية المؤسسات المدنية بمدنهم وبلداتهم، ثم بتفرقتهم وزجهم في معارك مع المعارضة المسلحة أو تنظيم الدولة.

استغلال النظام

وحصلت معارك خاسرة قتل فيها العشرات، كان أبرزها زج مقاتلين من بلدتي قدسيا والهامة للقتال ضد المعارضة المسلحة في وادي بردى، وزج مقاتلين من مدينة التل بمليشيا درع القلمون التابعة للنظام للقتال في تدمر بريف حمص بمواجهة تنظيم الدولة.

واعترفت هذه المليشيا في السادس من يونيو/حزيران الماضي بمقتل 17 شخصا من منتسبيها الجدد من أبناء مدينة التل بمعارك ريف حماة الشرقي.

وقال سامر أبو الحسام -الذي لجأ لتسوية مع النظام وأجبر على التطوع في الدفاع الوطني التابع للنظام السوري- إن “النظام يزجنا في الخطوط الأمامية للمعارك تحت قيادة لاسلكية لاقتحام مواقع المعارضة المسلحة، التي تعتبر الأكثر تحصينا لنكون طعما وندفع حياتنا ثمنا لمعرفة الثغرات في هذه المواقع”، وأضاف “معاملتهم من قبل عناصر النظام سيئة، وينعتونا بالخونة ويتوعدوننا بمحاكمات عسكرية إن لم ننصاع لأوامرهم”.

واعتقلت قوات النظام حسن غنيم بعد فصله من شعبة حزب البعث، وهو أول المرحبين باتفاق التهجير الذي جرى بمدينة التل شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، كما اعتقلت العشرات من الشباب بعد إخراج المعارضة للشمال السوري وسط تعتيم إعلامي.

إخلال بالاتفاق

أحد بنود اتفاقيات النظام مع المعارضة المسلحة التي جرت في محيط دمشق ينص على “تسوية أوضاع المطلوبين للأفرع الأمنية، وإمهال المطلوبين للخدمة العسكرية مدة ستة أشهر مع السماح لهم بالسفر” رغّب الشباب بالبقاء، لكن بعد خروج المعارضة أخلّ النظام بهذا البند في جميع المناطق.

وفرض قوات النظام على عشرات النساء ومئات الشباب الذين تقدموا لتسوية وضعهم لدى لجان المصالحة التوقيع على تعهدات بعدم التظاهر أو حمل السلاح بوجه الدولة، لكن أسماءهم بقيت على الحواجز الأمنية، وتُجري بين حين وآخر دوريات من الأمن العسكري والمخابرات حملات دهم واعتقال لبعضهم بحجج مختلفة، كالبحث عن أسلحة مخبأة وليس انتهاء بالبحث عن مطلوبين ليساقوا إلى جيش النظام.

سجن كبير

ويقول نور أحد شباب معضمية الشام إنه يعيش في سجن كبير دون أسوار، الهرب منه يعني الموت السريع، والبقاء فيه يعني الموت البطيء، ويضيف “بعد توقيعنا على تعهدات أعلمتنا لجنة المصالحة بضرورة عدم الخروج من المدينة حتى إشعار آخر، ومنذ الشهر العاشر من العام الماضي وحتى الآن نحن مسجونون في مدننا محرومون من السفر أو متابعة الدراسة”.

ويوضح نور أن النظام يهدف لدفع الشباب إلى التورط والتطوع في صفوف الدفاع الوطني ليتمكن بعدها من الخروج والدخول من المدينة ومسح اسمه من قوائم المطلوبين لأفرع الأمن.

وتشدد قوات النظام الرقابة على من بقي في المدن التي أجرت مصالحات، وتحاسبهم على التواصل مع أقاربهم المهجرين إلى إدلب، باستدعائهم إلى أفرع المخابرات للإدلاء بما جرى من محادثات بينهم وبين أقاربهم والتعهد بعدم التواصل معهم.

تأنيب الضمير هو الوصف الذي يتداول بين شباب المصالحات، لأن عدم وجود ضامن لاتفاقيات النظام وعهوده مع المعارضة أعاد واقع الخوف والرعب، وبات مصير آلاف الشباب بيد من كانوا يطالبون سابقا بإسقاطه، فدمر طموحاتهم وحلمهم بالأمن والاستقرار والعودة لحياة طبيعة.

  • المصدر : الجزيرة
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل