تتسارع وتيرة سعي قوات نظام الأسد والمليشيات المتحالفة معها لتحقيق مشروعها الهادف لإنشاء ممر بري من إيران للعراق انتهاء بسوريا، لتتمكن طهران بذلك من الوصول للبحر الأبيض المتوسط.
وأدى انسحاب تنظيم الدولة من آلاف الكيلومترات جنوب شرقي سوريا لصالح قوات النظام والمليشيات المتحالفة لتسريع وتيرة تقدم هذه القوات، الأمر الذي دفع قوات الجيش السوري الحر إلى إيقاف عملياته ضد “داعش” في تلك المنطقة.
وكان الجيش السوري الحر صعّد مؤخرا من عملياته ضد التنظيم على طول الحدود مع العراق بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا.
وبالرغم من إعلان نظام الأسد أنه تمكن من الوصول لحدود بلاده مع العراق للمرة الأولى منذ عام 2015، إلا أن الجيش السوري الحر نفى ذلك، وأكد أن قوات النظام والمليشيات المقاتلة معه ما زالت على بعد عشرات الكيلومترات من هذه الحدود.
وشنت الولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي ويونيو/حزيران الجاري ثلاث غارات في محيط بلدة “التنف” على الحدود مع العراق، استهدفت فيها بعض المجموعات المدعومة من إيران التي كانت تتحرش بقوات الجيش السوري الحر.
السباق نحو الحدود
وفي حال تقدم الجيش الحر خلال العمليات ودحر تنظيم الدولة نحو الشمال على الحدود مع العراق، فسيؤدي ذلك إلى التقاء تلك المناطق بتلك الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، وهو ما من شأنه منع وصول قوات النظام والقوات المدعومة من إيران إلى الحدود العراقية.
غير أن ما غيّر المعادلة على الأرض انسحاب تنظيم الدولة في غضون أقل من يوم واحد من آلاف الكيلومترات بالمنطقة دون أي اشتباكات، لتسيطر قوات النظام والمليشيات المتحالفة معه على تلك المناطق وتقطع الطريق أمام الجيش السوري الحر للتقدم شمالًا وتضطره لإيقاف عملياته ضد التنظيم.
ولا يزال الموقف الأميركي لمنع تقدم قوات النظام ودعم قوات الجيش السوري الحر غامضا.
ونقلت وكالة الأناضول عن مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن واشنطن تقدم التدريب والمعدات لقوات الجيش الحر التي تقاتل تنظيم الدولة، ولم يستبعد تعرض هذه القوات لهجمات من قبل قوات النظام والميلشيات المتحالفة معها.
وأكد المسؤول الأميركي أن تركيز بلاده ينصب فقط على الحرب على تنظيم الدولة، رافضا الحديث عن خطط بلاده في حال تمكنت قوات النظام والمليشيات الموالية له من الوصول للحدود مع العراق.
مشروع إيران
وتسيطر قوات النظام والمجموعات المدعومة إيرانيًا بنسبة كبيرة على المناطق الغربية والوسطى من البلاد، ولكن في حال سيطرتها على الحدود مع العراق فإن ذلك من شأنه أن يحقق مشروعا إستراتيجيا لإيران.
ومن المتوقع أن تبدأ قوات النظام والقوى المدعومة إيرانيا بالتقدم على حساب تنظيم الدولة، حيث من المنتظر أن تتجه نحو الشمال الشرقي على طول الحدود وصولًا إلى المناطق المقابلة لمدينة الموصل.
مليشيات العشائر
وتعمل قوات النظام بالتعاون مع إيران على تأسيس مليشيات من العشائر العربية شمال شرقي البلاد إذ يشرف قادة من الحشد الشعبي القادمين من العراق على تدريب الآلاف من تلك المليشيات.
وتتواصل عملية تدريب تلك المليشيات في معسكرات بجبل كوكب والحزام الأمني واللواء 156 الواقعة تحت سيطرة النظام بمحافظة الحسكة.
كما هبطت قبل أسبوع طائرتا شحن عسكريتان بمطار القامشلي الواقع تحت سيطرة النظام، وقد أرسلتا من قبل إيران وتضمان معدات عسكرية وذخائر، وأرسلت إلى المعسكرات لاستخدامها في التدريب.
ويشرف الزعيم العشائري نواف البشير على تنسيق التدريب ودفع الرواتب لتلك المليشيات الممولة من قبل إيران، ومن المتوقع أن تقاتل تلك المليشيات ضد تنظيم الدولة في محافظة دير الزور.
خسائر فادحة
وكانت فصائل بالمعارضة السورية المسلحة قد أعلنت سيطرتها على موقع المسيطمة في البادية السورية بريف دمشق بعد معارك مع قوات النظام السوري ومليشيات أجنبية متحالفة معها، وتكبيد قوات النظام وحلفائها خسائر فادحة بالأرواح والمعدات.
وجاء ذلك بعدما نفى الجيش السوري الحر أن تكون قوات النظام وصلت إلى الحدود مع العراق، في وقت أكدت دمشق أن وحدات من قواتها مع من سمتهم الحلفاء وصلت منطقة الحدود لأول مرة منذ عام 2015.
وأكدت فصائل الثورة والمعارضة السورية أنها قتلت عددا من قوات النظام والمليشيات الداعمة لها، بينهم ضابط برتبة عميد يدعى آصف سليم صبوح، خلال هجومها على تل المسيطمة بالجزء الواقع في ريف دمشق من البادية السورية، وأنها استولت على أسلحة وذخائر.
وتشهد البادية معارك عنيفة بين قوات النظام المدعومة بمليشيات أجنبية، وبين فصائل من المعارضة المسلحة، حيث يسعى الطرفان إلى السيطرة على أكبر مساحات ممكنة من البادية على حسابتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال مصدر من فصيل مغاوير الثورة التابع للجيش السوري الحر والمدعوم من التحالف الدولي إن قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة لم تصل الحدود السورية العراقية، وإنها ما تزال على بعد عشرات الكيلومترات عنها.
وأكد للجزيرة أن هذه القوات ومن معها تحاول التقدم نحو الحدود السورية العراقية في المنطقة الفاصلة بين قاعدتي التنف وخبرة الزقف التابعتين للتحالف الدولي وفصائل الجيش الحر في البادية السورية.
رواية النظام
لكن النظام السوري أكد أن وحدات من قواته بالتعاون مع من سماهم الحلفاء وصلت لأول مرة منذ 2015 إلى الحدود السورية مع العراق شمال شرق معبر التنف الذي أسست الولايات المتحدة قاعدة عسكرية فيه لتدريب مجموعة مسلحة محلية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن التقدم جرى بعد عملية التفاف نفذتها الوحدات النظامية انطلاقا من منطقة الشحمة في ريف دمشق الشرقي باتجاه الشمال، بالتزامن مع تحرك من وحدات من مليشيا الحشد الشعبي بعملية التفاف داخل الأراضي العراقية وصولا للشريط الحدودي.
وقال بيان لقوات النظام إنها أنهت المرحلة الأولى من العمليات العسكرية في البادية بوصولها للحدود مع العراق، وسيطرت على مساحة عشرين ألف كيلومتر منذ بدء المعارك جنوب تدمر بريف حمص الشرقي.
وتبعد المنطقة التي وصلتها قوات الأسد عشرات الكيلومترات عن منطقة وجود القوات الأميركية في التنف، لكن ذلك لم يمنع مراقبين من إبداء المخاوف من الاحتكاك العسكري بين الجانبين.
وكانت قوات الأسد ومليشيات مؤيدة لها قد تعرضت لقصف جوي أميركي في حادثتين خلال الأسابيع الماضية بعدما اقتربت من القاعدة الأميركية في التنف.
- المصدر : وكالة الأناضول – الجزيرة
عذراً التعليقات مغلقة