من الألف إلى الياء.. تهجير مدنيي وثوار حي الوعر في حمص

فريق التحرير21 مايو 2017آخر تحديث :
تهجير مدنيي وثوار حي الوعر في حمص – عدسة حسن الأسمر – المصدر تجمع ثوار سوريا

عائشة صبري – حرية برس:

بعد انتظار استمر منذ عصر أول أمس الجمعة، انطلقت مساء اليوم الأحد، قافلة الدفعة الحادية عشرة والأخيرة من مهجّري حي الوعر والمقرر ذهابها باتجاه مدينة جرابلس، ومحافظة إدلب، وبذلك يكون آخر معاقل الثورة في مدينة حمص قد سقط بيد قوات نظام الأسد، بينما تتسلّم الكتيبة الروسية مهامها في حفظ الأمن في الجزيرة السابعة، والجزيرة الثامنة المحاذية لجبهات المليشيات الشيعية، وذلك بحسب الاتفاق المبرم في الثالث عشر من آذار مارس الفائت برعاية روسية.

وقد وصلت منتصف ليلة الخميس الثامن عشر من مايو / أيار الجاري، الدفعة المقررة إلى ريف حمص الشمالي، ويبلغ عددها قرابة الخمسمائة شخص بينهم خمس وثلاثين عائلة، بينما واصلت الحافلات الخضر نقل العائلات خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين بعدد يُقدر بـ ”خمسة آلاف شخص“، حيث غادر الحي قرابة الواحد وعشرين ألفاً خلال شهرين.

دفعات المهجرين إلى جرابلس والمعاناة التي تلاحق الأهالي في المخيمات

كانت الدفعة الأولى قد خرجت بتاريخ السبت الثامن عشر من آذار مارس، و تضمنّت ألف و خمسمائة شخص بينهم ما يقارب الـ أربعمائة مسلح بسلاحهم الفردي فقط، حيث وصلت الحافلات الخضر إلى داخل حي الوعر المحاصر في الساعة السادسة صباحاً، و اجتمع الثوار والمدنيون الراغبون بالخروج في مدينة المعارض داخل الحي، استعداداً للتوجه إلى مدينة جرابلس، ووصلت الدفعة في اليوم التالي إلى مخيم شمارخ شمال حلب على الحدود السورية التركية.

تلاها خروج الدفعة الثانية يوم الاثنين السابع والعشرين من آذار مارس، إلى مخيم زوغرة بريف مدينة جرابلس تضمنّت “1880” شخصاً ” 370 أسرةً ” ثم وصلت الدفعة الرابعة، يوم الأحد في التاسع من أبريل نيسان، إلى المخيم ذاته.

وانطلقت الدفعة الخامسة من الحي يوم الثلاثاء في الثامن عشر من أبريل نيسان، و التي تضم قرابة الـ “2300” شخصٍ بينهم “300” مسلح بعد عرقلتها لمدة 24 ساعة بسبب التدقيق الأمني على الحقائب وإصرار النظام على إخراج الثوار أكبر عدد من السلاح معهم حيث طلبوا منهم إخراج قرابة المائة بارودة ” كلاشنكوف “، كما تم إعادة حاجيات ما يقارب السبعين عائلة ومغادرتها دونها، وعند وصولها إلى مخيم زوغرة بات قسم منهم في العراء نتيجة قلة عدد الخيم حيث واصل القائمون على بنائها باليوم التالي، فضلاً عن المضايقات ومنع القوات التركية الإعلاميين من التصوير وتغطية القافلة القادمة إلى المخيم.

تبع ذلك خروج الدفعة السادسة يوم الاثنين في الرابع و العشرين من أبريل نيسان، وشهدت تشديداً على عدد الحقائب من قبل لجنة التفاوض في الوعر حيث لم تسمح للشخص المغادر سوى بحمل حقيبتين مع حقيبة ظهر من أجل إخراج حاجات السبعين عائلة التي خرجت بدون حقائب، في حين عادت أربع عائلات مع عدد من لجنة التفاوض الذين رافقوا الدفعة السادسة إلى حمص ولم تدخل حي الوعر مع مرافقي الرحلة، وذلك بسبب طلب من محافظ حمص ” طلال البرازي ” تبعها عودة عائلات أخرى في وقت لاحق.

وفي الرابع من أيار مايو الجاري خرجت الدفعة الثامنة من المهجّرين باتجاه مدينة جرابلس والبالغ عددها قرابة الألفي شخص بينهم “300” مسلح و تزامنت مع عقد الجولة الرابعة من مؤتمر أستانة والذي هدف للتوقيع على أربع مناطق آمنة في سوريا، حيث بات الحي يشهد حالة من التخبط في صفوف الأهالي الذين يرغبون بالخروج منه ضمن اتفاقية التهجير القسري و التفكير بتغيير وجهتهم.
أمّا الدفعة التاسعة فقد تضمنّت “١٧٢١” شخصاً بينهم “٤٥٧” عائلة بينما كان من المقرر خروج “2500” شخصاً حيث تراجع قسم منهم وقرر تغير وجهته إلى إدلب، نتيجة سوء وضع المخيمات والخدمات في جرابلس، فيما يفرض أصحاب المنازل هناك أسعاراً مرتفعة للأجار بالدولار الأمريكي وكأنّ المهجّر الحمصي أتى سائحاً إليهم، هذا و لا يزال عدة عائلات مشردة في العراء، وذلك بسبب عدم وجود خيم تأويهم في صحراء شرق حلب، والجانب التركي المسؤول عن تأمين الخيم للمهجّرين أخبرهم بأنّه ليست لديه الجاهزية لإنشاء مخيمات فردية لكلّ عائلة بحجة عدم استيعاب العدد، والخيار الوحيد هو السكن في خيم جماعية.

طفلة من مهجري حي الوعر في مخيم زوغرة في جرابلس – عدسة حسن الأسمر – المصدر تجمع ثوار سوريا

دفعات المهجرين إلى إدلب

وصلت الدفعة الثالثة من مهجّري حي الوعر إلى مخيم ساعد في بلدة معارة أخوان شمالي بلدة معارة مصرين في ريف إدلب الشمالي، منتصف ليل الأحد الثاني من نيسان أبريل الماضي، و عددهم قرابة الألفي شخص بينهم “300” مقاتل وقرابة الأربعين جريحاً تم نقلهم إلى مشافي مدينة إدلب، و قد شهدت تلك الدفعة عرقلةً و تأجيلاً استمر أسبوعاً بسبب الخلاف على الطريق الذي ستسلكه الحافلات لخطورته إثر معارك ريف حماة واختيار النظام لطريق عبر القرى الموالية له والتي هددت الأهالي حينها.

تلاه خروج الدفعة السابعة من المهجّرين يوم الأحد في الثلاثين من أبريل نيسان – الثانية إلى إدلب – بنحو ألفين ومئتي شخص بينهم ما لا يقل عن ”250” مسلحاً، بينما استقبلت إدلب الدفعة العاشرة من المهجّرين – الثالثة إليها – بعد توقفها لحوالي ثلاثين ساعة متواصلة، في يوم الثلاثاء السادس عشر من مايو / أيار الجاري، بسبب ضخامتها حيث بلغت “58” حافلة نقلت على متنها “2613” شخصاً بينهم “425” مسلحاً فضلاً عن وجود نقص بعدد الشاحنات التي تقل الأمتعة حيث قام النظام بإحضار شاحنتين إضافيتين لكنّه تقاضى من القائمين على الحي أجرتهما مبلغاً قدره مليون ليرة سورية.

فك الحصار

مع اقتراب فك الحصار المطبق عن حي الوعر بدأ تجار الدم بخفض أسعار المواد الغذائية التي كانت مخبأة في مخازنهم منذ أشهر بشكل ملحوظ وصلت نسبته لأكثر من ثمانين بالمئة، وكذلك أسعار المحروقات أيضاً، فيما قاطع قسم كبير من الأهالي شراء المواد المنخفضة وقال أحد سكان الحي: “سأتحمل الجوع ريثما يفتح الطريق ولا أشتري منهم” ، تعبيراً عن سخطه.

فتحت قوات النظام ، صباح الأحد التاسع عشر من آذار مارس، معبر الشؤون الفنية وسمحت بخروج الموظفين والطلاب من الحي المحاصر إلى داخل مدينة حمص، و بعدها بيومين فتحت معبر حاجز دوار المهندسين لإدخال المواد الغذائية بإشراف لجنة المعابر وكذلك خروج ودخول المدنيين بعد إغلاقه لقرابة الستة أشهر، ودخول السجل المدني أيضاً لتسجيل الأطفال وتثبيت الزواج وما إلى ذلك من أمور وأوراق مدنيّة في مركز فرع الأمن الجنائي على أطراف الحي.

اتفاق التهجير جاء بعد حملة عسكرية استمرت شهراً متواصلاً خلّفت خمسين شهيداً والعديد من الإصابات بينها حالات بتر أطراف و حصار خانق لأشهر، و رغم كافة التطمينات والبرامج التلفزيونية الترويجية للنظام بإقناع الأهالي بعدم الذهاب إلا أنّها باءت بالفشل، من ناحية أخرى اشترط النظام على سكان الوعر أن يتعامل معهم كما يتعامل مع من هم خارج القطر من حيث تكلفة جواز السفر (800 دولار  مها كان العمر و الجنس، في ظل عجز الناس عن دفع هذا المبلغ.

وستكون مهام الكتيبة الروسية المكونة من ستين إلى مئة شخص بينهم ضباط روس (مراقبة تنفيذ مراحل الاتفاق بدقة، وضمان التزام الأطراف بها، ومعالجة الخروقات – الإشراف على عودة الأهالي والمهجرين إلى حي الوعر ، وكذلك عودة المهجرين الموجودين حالياً في الحي إلى منازلهم في أحياء حمص الأخرى الإشراف على سير عمليات التسوية – منع اعتقال أهالي الحي وحمايتهم – مراقبة معابر الحي وتأمينها – التأكد من خلو الحي من الأسلحة والمقاتلين بنهاية الاتفاق، وأخيراً منع قوات الدفاع الوطني والميليشيات الشيعية وغيرها من الدخول إلى الحي).

والعدد التقريبي لأهالي الحي يقدر بقرابة الخمسين ألف نسمة ، وقد ضغط الروس بشدة على لجنة التفاوض مع التهديد بتدمير الحي على رؤوس سكانه لإبرام الاتفاق و إنهائه بالخروج خلال أسبوع ، لكنّ لجنة التفاوض أصرّت على مدة شهرين بعد اجتماعات عدة في المخبز الآلي على أطراف الحي.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل