بعد إفراج النظام السوري عن الدفعة الأولى من المعتقلين بموجب اتفاق “المدن الأربع” والبالغ عددهم 750 معتقلا، أثير جدل في الساحة السورية حول المعتقلين المفرج عنهم، وعدم التزام النظام بالمعايير المتفق عليها مع الفصائل المفاوضة للنظام، وهو ما دفع بعض الناشطين إلى القول إن النظام خدع تلك الفصائل، وأطلق سراح أشخاص اعتقلهم للتو أو قبل شهرين على الأكثر، في حين لم يتم إطلاق سراح أي معتقل قديم ارتبط اعتقاله بنشاطه المناهض للنظام.
ويقول ناشطون تحدثوا لـ”العربي الجديد” إن معظم المفرج عنهم اعتقلوا قبل شهرين على الأكثر، وأن أغلبهم موظفون ومدرسون اعتقلتهم حواجز النظام خلال ذهابهم إلى العمل في حماة أو طلاب أثناء محاولتهم الوصول إلى جامعاتهم، الأمر الذي لم يؤكده الناطق باسم حركة “أحرار الشام” عمر الخطاب، واكتفى بالقول إن عملية الإفراج لم تكن متطابقة مع ما تم الاتفاق عليه في بعض الجوانب.
ولدى الاستفسار عن هذه الجوانب، قال الخطاب لـ”العربي الجديد”: “في بعض الجزئيات لم يكن متوافقاً، خاصة بالنسبة لأسماء المعتقلين ومدد اعتقالهم”.
وكانت قوات النظام قد أفرجت أمس الجمعة، عن مئات المعتقلين، تطبيقاً لاتفاق “المدن الأربع” الذي تم التوصل إليه بين “هيئة تحرير الشام” و”حركة أحرار الشام” من جهة، والجانب الإيراني ومليشيا “حزب الله” من جهة أخرى.
وقال ناشطون إن قوات النظام أفرجت عن 750 معتقلاً، وصل منهم 120 إلى محافظة إدلب، عبر حي الراشدين غربي حلب، في حين فضل 630 معتقلاً البقاء في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
وحول الآلية التي وضعت بموجبها قوائم المعتقلين والأسرى في سجون النظام بغية الإفراج عنهم، قال الناطق باسم حركة “أحرار الشام”، محمد أبو زيد، في تصريحات صحافية إن القوائم التي سلمت تضم معتقلي أهالي محافظة إدلب، الذين اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في الثورة، حيث تم استلامها وجمعها من قبل المجالس المحلية في مدن وبلدات وقرى المحافظة.
ومن المقرر الإفراج عن 750 آخرين من المعتقلين في المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تشمل إخراج من تبقى من سكان كفريا والفوعة، مقابل إجلاء بضع مئات من مقاتلي “هيئة تحرير الشام” من منطقة مخيم اليرموك في جنوب دمشق، مع إدخال المساعدات الإنسانية إلى حي الوعر في حمص، والمناطق المحاصرة في جنوب العاصمة.
من جانبه، قال رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين، فهد الموسى، لـ”العربي الجديد” إن “الهيئة تواصلت مع مسؤول مكتب الأسرى في حركة أحرار الشام للاستفسار عن تفاصيل بند المعتقلين في الاتفاق مع الجانب الإيراني، فأوضح لنا أنه تم تضمين الاتفاق بنداً ينص على إطلاق سراح 1500 معتقل، بينهم 600 امرأة خلال شهرين من تاريخ البدء بتنفيذ الاتفاق، على أن يقوم النظام السوري بتحديد أسمائهم. وأوضح أن الاتفاق يتضمن أن يتم إطلاق سراح 500 معتقل من أبناء المناطق المحررة”.
وأضاف الموسى أنه “من خلال رصد الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين لملابسات تطبيق الاتفاق، تبين لنا أن سماسرة ضباط مخابرات النظام كانوا يطلبون من بعض أهالي المعتقلين رشاوى مالية لإطلاق سراح أبنائهم”.
وأضاف “تواصلنا مع مسؤول مكتب الأسرى في حركة أحرار الشام، ومع مسؤولة ملف المعتقلين في هيئة المفاوضات، من أجل الضغط دولياً على النظام السوري لإعلان لوائح المعتقلين الذين سيطلق سراحهم في هذه الصفقة بشكل مسبق قبل البدء بتنفيذ الاتفاق، حتى لا يقع أهالي المعتقلين ضحية حالات نصب واحتيال وسمسرة من قبل ضباط مخابرات النظام السوري”.
وأشار إلى أن حركة أحرار الشام شكلت قبل 48 ساعة من إطلاق سراح المعتقلين ورشة عمل لتدقيق الأسماء التي استطاعت الحصول عليها للتأكد من أن المفرج عنهم سيكونون من المشاركين في الثورة، لكن كان هناك نقص بتفاصيل الأسماء المطروحة، وتبين أن “أغلب الأسماء كانت لأناس بسطاء تم احتجازهم من قبل مخابرات النظام السوري منذ شهرين إلى ثلاثة أشهر، وكثير منهم موظفون لدى النظام، وكانوا ذاهبين لقبض رواتبهم في مناطق النظام، وبعضهم يعمل ضمن مجموعات الشبيحة”.
وأضاف الموسى أنه على الأثر عُرقل تنفيذ الاتفاق في الراشدين لمدة بسيطة، لكن بعدها تم تنفيذ الاتفاق وفق شروط النظام السوري.
وخلص إلى أنه “من خلال قراءة هذا الاتفاق وكيفية تطبيقه، تبين لنا في الهيئة السورية أن تضمين الاتفاق بنداً يخص المعتقلين بهذه الطريقة ما هو إلا لذرّ الرماد في العيون وتجاهل لقضية المعتقلين الموجودين في سجون النظام السوري منذ أكثر من ست سنوات، وأن النظام السوري يحتجز المدنيين من جميع الأطياف كرهائن بشرية لتنفيذ سياساته في إطار إرهاب الدولة ومن أجل الابتزاز المالي لذويهم”.
وأكد أنه “لا يمكن حل قضية الأسرى والمعتقلين في سورية وفق مبدأ التبادل إنما يكون الحل بموجب قرارات دولية ملزمة لجميع الأطراف بإطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين”.
ورأى أن الأولوية في إطلاق المعتقلين يجب أن تكون للنساء والأطفال والمسنين وأصحاب الأمراض المزمنة، إضافة إلى المعتقلين الموقوفين لصالح المحكمة الميدانية في صيدنايا والمعرضين لتنفيذ أحكام الإعدام، وأخيرا للمعتقلين الذين قضوا أطول فترة في سجون النظام.
- نقلاً عن: العربي الجديد
عذراً التعليقات مغلقة