راجح الخوري*
في آخر آب من عام ٢٠١٢ وصل الأخضر الإبرهيمي الى دمشق موفداً من الامم المتحدة، ليبدأ ما سمّاه “المهمة المستحيلة”، وهي تلك المهمة التي كانت قد استحالت على سلفه كوفي أنان، وقبلهما على المراقبين الدوليين، وقبل كل هؤلاء على المراقبين العرب.
في ١٠ أيلول من عام ٢٠١٤ صار ستافان دو ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الثالث الى سوريا، وها هو يحتاج الى أكثر من سنتين ليصل الى ما اكتشفه الابرهيمي حتى قبل أن يبدأ، ذلك انه قال مع بدء الجولة الأولى من “جنيف – ٤” يوم الخميس الماضي، إن عمله “مهمة مضنية”، بعدما كان أبلغ بان كي – مون في ٢٤ كانون الأول من العام الماضي انه يريد ان يستقيل من مهمته!
“مهمة مضنية”؟
لكن الضنى واقع على السوريين كلهم من دون استثناء أكثر من الجميع، وليس هناك ما يوحي ولو للحظة بأن المهمة لم تعد مستحيلة، ولعل من المفارقات المثيرة ان دو ميستورا الذي يتذكر الجميع كيف وصل الى سوريا حاملاً خريطة لمدينة حلب، مع اقتراح أن يبدأ وقف متدرج لإطلاق النار منها يشمل كل المناطق، قد بدأ اللقاء في جنيف أول من أمس، بنقل تهديد من الرئيس بشار الاسد الى المعارضين مفاده “أنه إذا فشلت المفاوضات سيفعل بإدلب ما فعله بحلب”!
اذاً ما معنى الذهاب الى جنيف من جديد، اذا كانت المهمة المضنية تزيد استحالة، على رغم ان الضغط الروسي العسكري والسياسي دفع المعارضة الى القبول بنظرية النظام “التفاوض دون شروط مسبقة”، ولكن من أين تبدأ المفاوضات؟
المعارضة التي تكفّل سيرغي لافروف [الأشد براعة في المراوغة وبث الفخاخ] في تقسيمها، وصلت الى جنيف بثلاثة وجوه: أولاً “الهيئة العليا” التي شُكلت في الرياض بناء على قرار الأمم المتحدة، ثانياً ما بات يسمّى “منصة موسكو”، وثالثاً “منصة القاهرة”، وعلى حد علمنا جميعا ان المنصات تعمل عادة على إطلاق الصواريخ لا على ابتداع الحلول، فكيف اذا كانت “مستحيلة ومضنية”؟
في أي حال لا يزال الوضع يراوح عند نقطة “يا حصرماً…” بمعنى ان لا حلول في الأفق، فالخلاف مستمر على عقدة الإنتقال السياسي وموقع الأسد من هذه المسألة، لكن المحيّر والمثير ان يقول احمد رمضان “ان الروس أبلغوا المعارضة أنهم غير معنيين ببشار الأسد ومستقبله إنما بالدولة السورية”، في حين يقول مبعوث روسيا الى الأمم المتحدة أليكسي بوردافكين “إن دعوة المعارضة الى تنحي الأسد مجرد مطالب عبثية”.
وهكذا تفشل “جنيف – ٤” وفي النهاية يخرج دو ميستورا متهماً من دمشق وموسكو بالإنحياز، تماماً مثل كوفي أنان والأخضر الإبرهيمي!
المصدر: النهار
عذراً التعليقات مغلقة