معضمية الشام ما بين الثورة والتهجير القسري

عائشة صبري5 يناير 2017آخر تحديث :
باصات التهجير القسري في معضمية الشام – وسائل التواصل الاجتماعي

 

عائشة صبري – حرية برس

من المظاهرات السلمية إلى التسلّح ومقارعة جيش نظام الأسد، ثم الحصار المميت الذي انتهى بتهجير أهلها وثوارها إلى محافظة إدلب أواخر العام الماضي، يعيش أهالي مدينة معضمية الشام في محافظة ريف دمشق، أوضاعاً إنسانية صعبة بعد إخراجهم من منازلهم قسراً.

في حديث لـ”حرية برس” يروى “أبو أحمد” وهو أحد ثوار مدينة معضمية الشام معاناة أهلها الذين هجّروا إلى محافظة إدلب، ويحكي قصة أحد المهجرين، وهو شخص يدعى “أبو خالد” يبلغ من العمر 45 سنة، كان قبل بدء الثورة من الأغنياء جداً وصاحب أملاك ومشاريع تجارية.

وعندما بدأت الثورة كان من أوائل المشاركين بتسليح الثوار، حيث شارك فيها بكل ما يملك، إلا أنَّ أبا خالد في الوقت الحالي بعد تهجيره لا يملك في جيبه مئة ليرة سورية يطعم بها أولاده الجياع، فلديه أربعة أطفال “بنتين وصبيين” وقد حرموا المدارس.

علاوةً على ذلك، لا توجد لديهم أية وسيلة تدفئة، حيث يقوم بحصر أبنائه بينه وبين زوجته منذ غياب الشمس إلى اليوم التالي، كي يقوم بتدفئتهم تحت غطاء واحد، عدا عن خشيته من استهداف منزله بالصواريخ الأسدية – الروسية، ومثلهم الكثير من العائلات. حسب قول “أبي أحمد”.

يقول “أبو أحمد”: إنَّ شعب المعضمية شعب طيب وكريم ومضياف، مضيفاً: “عندما هُجّر أبناء الطائفة الشيعية من لبنان، آويناهم في بيوتنا بينما هم هجّرونا وذبحونا، كما حملنا السلاح وخرجنا نحارب النظام طوال خمس سنوات والمعضمية صامدة، وحين بدأ التسليح في المدينة كثر الالتحاق بصفوف الثوار، كما سارع الأهالي لبيع بعض ما يملكون لشراء السلاح”.

ويدّعي “أبو أحمد” أنَّ هناك تنازلات وخيانات حصلت؛ حيث يقول: “بدأت المفاوضات للمصالحة وما اعتبره الناس (خيانات) في المعضمية بتاريخ 13/10/2013 على يد قادة الألوية العسكريين الذين يجمعون الأموال باسم الثورة وعلى رأسهم الدكتور علي خليفة وابنه محمد قادة لواء الفجر، ومحمود غنّام الملقب بالحوت، وعبد الناصر منصور من مؤسسي لواء الفجر”.

ويردف: “ومازن نتوف وعبد العزيز داوود قادة لواء الفتح، وأبو عمار الشامي قائد لواء سيف الشام، بالإضافة إلى السياسيين مثل رئيس المجلس المحلي إبراهيم الشيخ، ومسؤولي المصالحة حسن الغندور ومحمد نعيم الرجب والشيخ علي الحاج والمحامي ياسر حمادة وغيرهم ممن استلموا قيادة الجيش الحر”. وفقاً لأقوال “أبي أحمد”.

ويتابع: “رغم قلة السلاح صمدت المعضمية ما بوسعها، إلا أنَّ الحصار اشتد حتى بات الأكل معدوماً”، يقول “أبو أحمد”: إنَّ “المفاوضات سارت ببطء بين الجانبين لتسليم المدينة، واشتد الحصار على الأهالي، وكان من أحد من شروط المصالحة بناء الثوار ساتر ترابي لفصل داريا عن المعضمية”.

وعندما سيطر نظام الأسد على مدينة داريا المجاورة (27 /08/ 2016) بقيت المعضمية وحيدة بيد الثوار في المنطقة، -كما يقول أبو أحمد- وبدأت تهديدات النظام بحرق مدينة المعضمية أو الخروج منها، إلى أن تم أخذ القرار بالتهجير إلى إدلب في تاريخ 18/10/2016.

“أبو أحمد” يختم حديثه معنا بالقول: “عندنا في المعضمية ما لا يقل عن 600 معقل منذ بداية الثورة، والشهداء فاق عددهم الثلاثة آلاف، فلدينا بين أرملة أو زوجة معتقل 5 آلاف امرأة، قبل التهجير كان مجلسها المحلي يؤمن لهنَّ مبالغ بسيطة بمعدل 8 آلاف ليرة كل 3 أشهر، وكان سعر أيّ كيلو مواد غذائية بالحصار أكثر من 10 آلاف ليرة سورية، فقد عمل النظام على وأد الثورة فيها بالحصار، لدرجة أن بعض الشباب سلموا أنفسهم من أجل سيجارة!”.

يشار إلى أنَّ معضمية الشام تعد واحدة من أكبر مدن ريف دمشق الغربي، ولها مدخلان رئيسيان: شرقي من جهة دمشق، وغربي من جهة جديدة عرطوز، إذ تبلغ مساحتها 4220 هتكاراً، وطبقاً لإحصائية 2007 يبلغ عدد سكانها حوالي سبعين ألف نسمة، ثلاثون ألفاً منهم من السكان الأصليين، بينما يبلغ عدد الوافدين حوالي أربعين ألف نسمة قدموا إليها من أغلب المحافظات بسبب قربها من دمشق.

وكانت أولى مظاهراتها السلمية يوم 21 /03/ 2011 وحمل المتظاهرون أغصان الزيتون لكن رجال النظام قابلوهم بإطلاق نار كثيف سقط خلاله قتلى وجرحى، وتوالت المظاهرات التي لم يستطع النظام إيقافها فجلبت ميليشياته تعزيزات كبيرة وتعمدت تكسير المحلات والاعتداء على البيوت وإطلاق الغاز والنار على المتظاهرين، حتى تشكلت بعدها أول كتيبة في الجيش الحر.

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل