الحل المؤجل إلى ما بعد «جنيف 3»!
بقلم: فايز سارة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعلن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا استئناف أعمال مؤتمر «جنيف3» لحل
القضية السورية في هذا اليوم، مؤكدًا عدم حدوث أي تغيير على الدعوات التي
كانت وجهت في الجولة السابقة، واقتصار الحضور على وفد يمثل النظام وآخر
يمثل المعارضة التي تقودها الهيئة العليا للمفاوضات، آملاً مشاركة طرفي
الصراع السوري الفاعلة من أجل إحراز تقدم في العملية السياسية.
ولا يرتبط ما جاء في إعلان المبعوث الدولي بحدوث تطورات مهمة بالبيئة
المحيطة بالقضية السورية، حيث ما زالت الأسس، التي تمت الدعوة إلى «جنيف3»
ذاتها، وهي القرار الدولي 2254 ومحادثات فيينا، والإشارة الخجولة إلى بيان
«جنيف1»، التي أكدت المسارات العملية في الجولة الأولى، وتصريحات دي
ميستورا ومسؤولين دوليين آخرين، تجاوز بيان «جنيف1» وقرارات مجلس الأمن حول
القضية السورية ولا سيما القرار 2118 القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي بكامل
الصلاحيات التنفيذية بما فيها السلطة على الجيش والأمن، والاستعاضة عنها
بتشكيل حكومة انتقالية تحافظ على النظام، وتقوم بعمليات تجميل فيه، بدل
إقامة نظام جديد، وبديل لنظام الأسد، كما هي النتائج المرتقبة لهيئة الحكم
الانتقالي.
التبدل الوحيد، الذي حدث في الفترة ما بين توقف محادثات «جنيف3» في الماضي
واستئنافها أواسط الشهر الحالي، كان الهدنة السورية، والتي جاءت نتيجة
التوافق الأميركي – الروسي. غير أن هذه الهدنة جاءت ملغومة، وحملت متغيرات
ميدانية، بدلت توازنات القوة على الأرض وفي السياسة. فعززت موقع نظام
الأسد، وحلفائه من الروس والإيرانيين والميليشيات التابعة لهم بما فيها حزب
الله اللبناني، وأضعفت المعارضة السورية بجناحيها العسكري والسياسي،
وحلفاءها الأقرب، وخصوصًا تركيا.
وكان الأهم فيما صاحب الهدنة الملغومة، تواصل عمليات القصف الروسي، التي
وإنْ انخفض عددها، فقد تكثفت أهدافها ومساراتها وتعاونها مع قوات النظام في
المناطق الحرجة، وأدت إلى حدوث مجازر في كثير من الأماكن وتغييرات ميدانية،
ولا سيما في إدلب وريف حلب الشمالي وفي محيط دمشق من أجل تحقيق هدفين؛
أولهما زيادة مساحات سيطرة النظام في ريف دمشق، والقوى المعادية للمعارضة
في حلب مثل قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي
الكردي، والثاني فرض الحصار على حلب، وقطع طرق تواصلها وريفها مع تركيا،
التي تمثل عمقًا سياسيًا وعسكريًا للمعارضة في الشمال السوري.
والنقطة الثانية، فيما رافق الهدنة السورية، كان موضوع المساعدات، وقد
صاحبته التباسات كثيرة، لعل الأبرز فيها، أنها كانت محدودة من الناحيتين
الكمية والنوعية، فلم يتم إدخال كميات تناسب احتياجات المناطق المحاصرة،
مما يعني أن الحاجة مستمرة للمساعدات الغذائية والطبية، كما جرى منع مرور
حليب الأطفال وأغذيتهم، وبعض أنواع الأدوية لاحتياجات مرضية معينة، إضافة
لمنع نقل المرضى المحتاجين لعناية خاصة إلى المستشفيات من المناطق
المحاصرة، والأهم مما سبق كله، أنه تم استثناء بعض المناطق المحاصرة مثل
داريا من المساعدات الطبية والغذائية، بينما كانت الهجمات تتوالى عليها.
وحسب التطورات التي رافقت الهدنة، فإنه يمكن القول، إن بيئة الحل السياسي،
ساءت أكثر مما كانت عليه عشية إطلاق مؤتمر «جنيف3»، ولم يتحقق أي من
الخطوات، التي أشار إلى ضرورة القيام بها، ومنها قرار مجلس الأمن الدولي
2254، لتحسين بيئة الحل السياسي، وهي وقف العمليات العسكرية، ورفع الحصار
عن المناطق المحاصرة، وإطلاق المعتقلين، الأمر الذي يجعل من استئناف
«جنيف3» بلا جدوى، رغم كل الآمال، التي يعلقها على ذلك المبعوث الدولي دي
ميستورا والراعيان الرئيسيان روسيا والولايات المتحدة، وهو السبب الذي جعل
الهيئة العليا للمفاوضات، تعلن أنها ستذهب إلى جنيف للتفاوض حول هيئة الحكم
الانتقالي، وليس لأي هدف آخر.
وسط تلك الوقائع، وما لم تحدث تطورات خارج السياق المتوقع، فإن محادثات
جنيف المقبلة محكومة بالفشل المؤكد قبل أن تبدأ، ولن يتمخض عنها أي تقدم أو
تطور إيجابي، يدفع عملية الحل السياسي إلى الأمام، مما يعني، أن على
السوريين والمعنيين الإقليميين والدوليين بالقضية السورية الاستعداد لمرحلة
ما بعد «جنيف3»، والتي ستشمل استمرار الصراعات العسكرية من جهة، والمزيد من
التحركات والمشاورات الدبلوماسية من جهة أخرى.
إن إقلاع قطار الحل السياسي في سوريا، يتطلب وكما كان الحال منذ وقت طويل،
تغييرًا في مواقف الدول المعنية بالحل والقادرة عليه، كما يتطلب توفير إرادة
وجدية منهم في هذا الإطار، وما لم يتم الأمران، فسوف تظل الجهود المبذولة
هنا وهناك، تراوح في المكان بلا فائدة ولا نتيجة عملية.
#تجمع_ثوار_سوريا #SyriaRebels #SRG #Syria#سوريا
عذراً التعليقات مغلقة