لماذا الروس في سوريا؟

فريق التحرير9 ديسمبر 2016آخر تحديث :
لماذا الروس في سوريا؟

feras.allawi فراس علاوي* فراس علاوي

كان مشهد خروج وزير خارجية روسيا والسفير الروسي في العراق من بغداد إبان تزايد الصراع مع نظام صدام حسين تعبيراً لشكل المشهد الدولي الجديد خاصة في منطقة الشرق الأوسط …..
حيث بدأ الإنحسار الروسي في منطقة كانت فيما قبل أحد أهم معاقله السياسية, وأحد أهم زبائنه المعتمدين في تسليح جيوشهم على السلاح الروسي , هذا الإنحسار رافقه تمدد أمريكي واضح في العراق و الخليج العربي ….
حتى جاءت ثورات الربيع العربي والتي أحس الروس بخسارتهم الكبرى فيها , حيث خرجوا بخفي حنين من ليبيا ومصر (مؤقتاً ) وحتى تونس….
مما جعل القيادة الروسية تعيد التفكير في سياساتها خاصة في الشرق الأوسط , حيث أحست أن البساط يسحب من تحت قدميها وأنها خدعت في ليبيا من قبل الأمريكان في مجلس الأمن , ولم يتبق لها إلا سوريا واليمن لتثبت وجودها في المنطقة ….
السياسة الروسية التي تعتمد على مبدأ مواجهة الغرب في جميع الميادين , وجدت في الساحة السورية فرصة للعودة مجدداً مع حلفاء جدد، حيث كانت الأرضية مهيأة لتحالف من نوع جديد روسي إيراني, يعتمد على مصالح الطرفين في السيطرة على الشرق الأوسط, هذا التحالف الذي أخذ مداه من التنسيق والعمل المشترك طيلة ثلاث أعوام , مر بعدة مراحل من التنسيق المعلوماتي إلى العملياتي والإستخباراتي وصولاً لتشكيل غرفة عمليات مشتركة على الأراضي السورية ……
فما الذي دفع الروس للدخول بكل هذا الزخم في الأزمة السورية؟
هناك ثلاث أسباب رئيسية لهذا التدخل يمكن تلخيصها بأسباب اقتصادية وأخرى سياسية وجيوسياسية والثالثة عسكرية..
اقتصادياً .. الاقتصاد الروسي يعاني تراجعاً حاداً في ظل سيطرة الاقتصاد الغربي , وعدم رواج الصناعات الروسية فبدأ الروبل بالتراجع وازداد معدل البطالة, مما سبب تململاً وسط المجتمع الروسي خاصة بعد الأزمة الأوكرانية والحصار المفروض على روسيا من قبل أمريكا وحلفائها, والتهديد بخط الغاز القطري إلى أوربا والذي إن حدث وأصبح أمراً واقعاً واستغنى الأوربيون عن الغاز الروسي فستحل الكارثة بالاقتصاد الروسي, في مثل هذه الحالات تلجأ الحكومات لافتعال حروب وأزمات خارجية بحثاً عن تمويل وبذات الوقت إشغال مواطنيها بهذه الحروب وهكذا فعل الروس باختصار….
سياسياً …الرغبة الجامحة لبوتين وفريقه السياسي في العودة لواجهة المشهد العالمي بعد العزلة التي فرضت على روسيا وحولتها من قوة عظمى إلى دولة محاصرة ومنبوذة …
من الناحية الجيوسياسية فقد بدأ التمدد الغربي المتمثل بحلف الناتو يطرق أبواب أوربا الشرقية وصولاً للحديقة الخلفية لروسيا أمراً مقلقاً , دفع بالروس للإنطلاق خارج الحدود لإبعاد الخطر عن حدودهم , كذلك تنامي ظاهرة الحركات الإسلامية في الشيشان الجار اللدود لروسيا والتي للروس معها ذكريات مزعجة عملت روسيا على دفع تلك الجماعات إلى منطقة الشرق الأوسط وبالتالي ابعاد خطرهم وقتالهم بعيداً عن الحدود الروسية ….
عسكرياً .. منذ حرب أفغانستان لم يخض الجيش الروسي سوى مواجهات بسيطة مع جيرانها لذلك عملت القيادة العسكرية على دخول الحرب في سوريا وتحويلها إلى ساحة تجريب لأسلحتها واختبار لقدرات قواتها , كذلك توجيه رسائل عسكرية للغرب عن قوة الجيش الروسي وقدراته العسكرية وترويج للأسلحة الروسية بغية الحصول على صفقات لبيع السلاح الروسي ..
هذه الأسباب الأساسية للتدخل الروسي إذا أضفنا إليها بعض العوامل المحلية , مثل بقاء سورية النافذة الأخيرة للروس على المتوسط والقاعدة الروسية في طرطوس هي القاعدة الأخيرة للروس في الشرق الأوسط وبخروجها يكاد يتلاشى الوجود الروسي في المنطقة , كذلك بقاء الروس قرب منابع النفط في الشرق الأوسط وخطوط الغاز والتجارة العالمية.
حتى اللحظة لم ينجح الروس سوى في تواجدهم العسكري , فالجماعات التي جاءوا لقتالها تحولت إلى جماعات عابرة للحدود والقارات بذلك يصعب السيطرة عليها , بل زادت النقمة على الروس بعد تدخلهم في سوريا وربما تحولت روسيا إلى الهدف الأول لتلك الجماعات في مرحلة لاحقة بسبب إجرامهم في سوريا.

اقتصادياً خسر الروس حلفاء كثر بسبب تضارب المواقف السياسية رغم تشكيل تحالفات جديدة لكنها تحالفات هشة قائمة على مصالح آنية كالحلف مع إيران التي يعاني اقتصادها كما يعاني الاقتصاد الروسي.

أما عسكرياً فقد بدأت قوافل القتلى الروس تصل لموسكو في صورة تذكر بالمشهد الأفغاني الذي يسبب كابوساً للروس كذلك فقد ظهرت بعض الأسلحة الروسية على أنها أسلحة قديمة وغير فاعلة مثل الطراد كوزنتسوف وتتالي سقوط الطائرات على سطحه مما يثير كثيراً من الأسئلة حول مدى الفاعلية لهذه الأسلحة وعن خبرات الطيارين الروس ….

التدخل الروسي في سوريا قد يكون أخّر سقوط الأسد لكنه لم يحقق تلك الأهداف التي جاء من أجلها الروس , مما يجعلهم متمسكين ببقاء نظام الأسد حتى الحصول على تطمينات، وربما جزء من الكعكة السورية التي يعمل الجميع على تقاسمها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل