كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في عددها الصادر الخميس، أن الرئيس باراك أوباما أمر وزارة الدفاع بتحديد أماكن قادة “جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)” في سوريا واستهدافهم. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن هذا القرار ينبع بشكل أساسي من تخوّف أوباما من أن تتحول سوريا إلى قاعدة لهذا التنظيم، المرتبط بـ”القاعدة”، على أبواب جنوب أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن قرار أوباما يعكس حقيقة أن مكافحة الإرهاب أصبحت أولوية أميركية في سوريا، تأتي قبل إجبار الرئيس السوري بشار الأسد على التنحي، وأن هذا “التغيير” قد تتسارع وتيرته مع دخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب رسمياً البيت الأبيض، و تسلمه ادارة البلاد مطلع العام المقبل. وكان ترامب أكثر إلحاحاً ووضوحاً من أوباما، عندما كرر مرات عديدة في حملته الانتخابية، أن مكافحة الإرهاب ستكون أهم أولوياته في سوريا، وإنه مستعدّ للتعاون المباشر مع روسيا في هذا الشأن.
وشرحت الصحيفة أن الولايات المتحدة، قد وجهت في السابق ضربات متفرقة ضد قيادات سابقة في تنظيم “القاعدة” ومقاتلين، توجهوا من أفغانستان وباكتسان إلى سوريا للقتال في صفوف “النصرة”. لكن، أوامر أوباما الجديدة، تعطي القيادة المشتركة في الجيش الأميركي سلطة أوسع وموارد إضافية لجمع المعلومات الاستخبارية، بهدف ملاحقة القيادات الأمامية في “النصرة”، وليس فقط قدامى محاربي “القاعدة” أو المشتبه بتورّطهم في عمليات ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
وتابع التقرير أن أوباما تبلّغ، خلال الصيف، معلومات استخباراتية تفيد بأن “النصرة” سمحت لقيادات “القاعدة” من باكستان وأفغانستان بـ”تأسيس (..) أكبر شبكة” لمقاتلي التنظيم، في شمال غرب سوريا، منذ اندثارهم عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر وما تبعها من حروب أميركية “ضد الإرهاب”.
وحث قرار أوباما وزارة الدفاع على نشر المزيد من الطائرات دون طيار المسلحة، وجمع المعلومات الاستخبارية في المجال الجوي شمال غرب سوريا، وهي منطقة حاولت الولايات المتحدة تفاديها بسبب قربها لأنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة. ومنذ بدء تطبيق الخطة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، استهدفت هذه الطائرات ما لا يقل عن 4 أهداف “ذات قيمة عالية”، كشفت وزارة الدفاع الأميركية إثنين منها حتى الآن.
وأضافت الصحيفة، أنه حتى الآن، لم تتدخل أنظمة الدفاع الجوي الروسي ضد العمليات الأميركية، وعزا مسؤولون هذا الأمر إلى أن عدداً محدوداً من الطائرات الأميركية تقوم بهذه العملية، بالإضافة إلى أن شنّ هجمات ضد “النصرة” يتوافق مع مصلحة روسيا في تدمير واحد من أشد أعداء النظام السوري. ونقل التقرير عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن “أخطرت” الروس قبل شنّ الضربات “تجنباً لسوء الفهم”.
وقال المسؤولون إن استهداف قيادات “النصرة” بمثابة رسالة إلى مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة، التي تدعمها وكالة الاستخبارات المركزية، بضرورة النأي بأنفسهم عن المجموعات التابعة لـ”القاعدة”. لكن هذه الحملة أثارت انقساماً داخل الدوائر المقربة من أوباما، حيث تخوف معارضوها من أن تعطي خدمات مجانية إلى نظام الأسد، عبر إضعاف أبرز المجموعات التي تقاتله، فيما اعتبر الداعمون لها أن إدارة أوباما لم يعد بإمكانها أن تتعايش مع “صفقة مع الشيطان”، خصوصاً وأن واشنطن امتنعت بشكل كبير في السابق عن توجيه ضربات لـ”النصرة” كون هذه المجموعة أساسية في المعارضة المسلحة، وساعدت واشنطن في ممارسة المزيد من الضغط العسكري على الأسد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة قوله، إن أوباما “لا يريد لهذا الفريق أن يسيطر على البلاد إذا ما سقط الأسد فعلاً”، وأن هذه المجموعة “لا يمكن أن تكون معارضة سورية قابلة للحياة. إنها تنظيم القاعدة”.
من جهتها، أكدت مستشارة أوباما للأمن القومي ومكافحة الإرهاب ليزا موناكو، أن قرار أوباما “أعطى الأولوية لحربنا ضد تنظيم القاعدة في سوريا، عبر استهداف قادتها وناشطيها، بعضهم كانوا منتمين لتنظيم القاعدة”.
وتابعت موناكو في بيان “لقد أوضحنا لجميع الأطراف في سوريا أننا لن نسمح لتنظيم القاعدة في تنمية قدرته على مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا ومصالحنا.. سنستمر في اتخاذ إجراءات لمنع هؤلاء الإرهابيين من الحصول على ملاذ آمن في سوريا”.
يشار إلى أن ترامب اجتمع مع أوباما لأول مرة بعد انتخابه، الخميس، في البيت الأبيض. ودام الاجتماع 90 دقيقة، وكان أقل إحراجاً من المتوقع، خصوصاً وأن ترامب هاجم أوباما خلال السباق الرئاسي، كما أن أوباما حثّ الأميركيين على التصويت لكلينتون.
وقال ترامب عقب انتهاء الاجتماع “بحثنا الكثير من الأوضاع بعضها رائع وبعضها تحيطه الصعوبات”. وأضاف أن أوباما حدثه عن “بعض الأشياء الرائعة التي تم إنجازها”.
من جهته، قال أوباما متوجها بالكلام إلى ترامب “الآن نريد أن نفعل كل ما بوسعنا لمساعدتك على النجاح لأنك إذا نجحت فإن البلد سينجح”.
- المدن
عذراً التعليقات مغلقة