لم يقتصر التدخل الروسي في سوريا على الجانب العسكري والأمني والدعم السياسي والاقتصادي فقط، بل تحول إلى دعم إعلامي, بشقيه الداعم لعمليات النظام وحلفائه بما فيهم الجيش الروسي، والمساهمة في تبرير ما يقوم به نظام الأسد من جرائم ضد المدنيين العزل من ابناء شعبه، حتى أصبح الاعلام الروسي وكأنه جزء من إعلام ما يسمى بمحور المقاومة والممانعة, فلم نعد نستطيع التمييز بين قناة روسيا اليوم وقناة المنار اللبنانية سوى باللوغو الموجود أعلى الشاشة.
هذا الدور الإعلامي لم يقتصر على تبرير سياسة نظام الأسد أو التدخل الروسي في سوريا فقط، بل تعداه ليمارس دوراً في تلميع نظام الأسد خاصة رأس النظام بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس.
ففي ظل إحجام الكثير من وسائل الإعلام العالمية عن التعاطي مع النظام السوري, عمل الاعلام الروسي على تغطية هذا الجانب, فلم تبق وسيلة إعلام روسية إلا وأجرت مقابلة مع بشار الأسد رامية إلى إخراجه من العزلة التي تحيط به من جانب، وإلى تسويق بعض الافكار السياسية للنظام, خاصة أمام مؤيديه، وبذات الوقت توجيه رسائل للشعب الروسي وإيهامه بمشروعية التدخل الروسي وتسويق ما تقوله الحكومة الروسية بأنها تدخلت بناء على طلب الرئيس والشعب السوري.
نشاط الاعلام الروسي مؤخراً لا يمكن وضعه إلا في خانة حملة العلاقات العامة التي يقوم بها النظام للعودة لواجهة الاحداث مجدداً بعد تغاضي الإعلام العالمي عنه ولجوء الفريق الإعلامي لرئاسة الجمهورية إلى قنوات وصحف مغمورة حتى تملأ هذا الفراغ.
طاقم الرئاسة الإعلامي لنظام الأسد والذي تتناقل التسريبات عن صراع بين سيدتيه الاعلاميتين لونا الشبل المقربة من بشار الأسد ومستشارته الإعلامية بثينة شعبان، هذه التسريبات التي تنقل صراعاً مبطناً بين الشخصيتين المتناقضتين حيث تبدو بثينة شعبان وكأنها من الحرس القديم في حين تقدم لونا الشبل نفسها بشكل حضاري مواكبة للتطور الاعلامي.
بدأ هذا الصراع جلياً في المقابلة الأخيرة لبشار الاسد مع الصحفية الروسية أصلاموفا, والتي كشفت خبايا اللقاء وكيف أن الفريق الاعلامي لرئاسة بحث عنها طويلاً وعن سبب وكيفية اختيارها وكيف طُلب منها أن ترتدي فستاناً مثيراً وأن تبرز أنوثتها ليظهر لاحقاً خلفية تلك الصحفية وطبيعة عملها المثير، تلك المقابلة التي أخذت صدى ربما كان مقصوداً والذي كان مغايراً للمعهود إذ بدا بشار الأسد في موضع المتلقي المستسلم لكلمات محاورته الجميلة التي تحدثت أكثر منه وبدت وكأنها توجه له النصائح بدل الأسئلة.
ترافق هذا اللقاء مع لقاء آخر مع أسماء الأسد زوجة بشار الأسد التي ينسب لها دور كبير في دعمه والوقوف إلى جانبه وكيف تحدثت عن اقتناعها بمواقف زوجها، الذي بدا من سياق اللقاء وطبيعة الاسئلة الموجهة انها محاولة لإظهار الجانب الانساني في شخصية زوجة سفاح مجرم في محاولة لتجميل الصورة أمام الرأي العام الروسي والعالمي وإظهارها كسيدة حضارية، بالرغم من تهربها من كثير من الاسئلة، خاصة فيما يتعلق بجرائم النظام والتي طرحت بشكل عابر فيما تجاهلت قصص أطفال العالم كقصة الطفل إيلان الذي هزت صوره العالم وهو يطفو ميتاً على ساحل البحر , كذلك قصة الطفل عمران العائد من الموت , لتتحدث عما اصاب أطفالها من هلع ليلة إطلاق النار في هيئة الأركان في انفصام حقيقي عن الواقع.
هذه اللقاءات والتي كما أسلفنا تشبه حفلة علاقات عامة لتلميع صورة عائلة الأسد تعكس التوغل الروسي في سوريا وفي جميع مناحي الحياة، والحرص على بقاء آل الأسد في واجهة السلطة في سقوط أخلاقي واضح لا يقل عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الروسي في سوريا والمجازر التي ترتكبها طائراته.
عذراً التعليقات مغلقة