دابق: أكبر ضربة معنوية رمزية لمعارك آخر أزمنة “داعش”

فريق التحرير17 أكتوبر 2016آخر تحديث :
دابق: أكبر ضربة معنوية رمزية لمعارك آخر أزمنة “داعش”

بدر الراشد

  • بدر الراشد

للرؤى الدينية، المتعلقة بما يُعرف في التراث الإسلامي والمسيحي واليهودي بـ”ملاحم آخر الزمان”، أهميتها لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، لقدرتها على تجنيد الأعضاء، وحشد المؤيدين للتنظيم، الذي أراد أن يرسّخ “حرباً دينية” يمارس خلالها خطاباً يمزج فيه بين السياسة والدين، والحاضر والمستقبل، لتكريس وجوده كـ”ممثل للمسلمين” ومحارب لـ”الأعداء الصليبيين ومن يواليهم”.

تتحدث “ملاحم آخر الزمان” في التراث الإسلامي عن معارك بين أتباع الأديان الإبراهيمية، في بلاد الشام تحديداً، وتنصّ أحياناً، كما في التراث الإسلامي والمسيحي، على أماكن محددة، مثل القدس، أو البلدة التي حظيت بأهمية إعلامية استثنائية أخيراً، دابق (قرب حلب)، التي طرد منها “داعش”، أمس الأحد. ويرى مراقبون في هذا التطور ضربة “رمزية” موجعة للتنظيم، تحديداً على مستوى خطابه الديني.

من المستبعد أن تكون خسارة “داعش”، لبلدة دابق، نهاية للتنظيم، فهذا التطور حلقة جديدة في سلسلة تراجع التنظيم، ميدانياً، في العراق وسورية، منذ بدايات 2015، وتوالي اغتيال قادته الإعلاميين والأمنيين. وذلك في الوقت الذي تقترب فيه ساعة الصفر، للمعركة الأهم ضده في الموصل، من حيث أعلن قائد التنظيم، أبو بكر البغدادي، أو إبراهيم عواد البدري، قيام “الخلافة” من مسجدها في 2014.

ويأتي استبعاد أن يكون لفقدان دابق، أثر كبير على التنظيم، باعتبار أن عوامل سياسية واقتصادية تعصف بالمنطقة، لا سيما العراق وسورية، ساهمت في نشأة مئات التنظيمات “الإرهابية” والمليشيات “الطائفية”، التي لم تنهض من الفراغ، بسبب رؤى دينية متطرفة أو أسطورية، بل لأسباب موضوعية تتعلق بانهيار الدول الوطنية، وتصاعد الخطابات الطائفية، وتنامي التدخلات الإقليمية، بالإضافة إلى وجود أنظمة مستبدة، منعت بناء دول وطنية تحظى بإجماع من السكان.

وكان للرؤى الدينية والأسطورية تلك، كرؤية “داعش” لملاحم آخر الزمان، المتعلقة بدابق، دور في التجنيد والحشد، وإضفاء الصبغة الدينية على هذا التنظيم، وربما تحديد بعض سياساته، من دون أن تؤدي دوراً أساسياً في نشأة هذا التنظيم، أول الأمر.

وتحتل بلدة دابق، أهمية “رمزية” استثنائية في خطاب “داعش” باعتبارها “ستشهد معركة مستقبلية، بين المسلمين والصليبيين”، بحسب أدبياته، وأن “هذه المعركة سينتصر بها جيش المسلمين على الروم”. الجيش الذي، وبحسب كتب التراث، سينطلق لـ “فتح” القسطنطينية (إسطنبول التركية)، ثم ينتصر في معركة أخيرة، في القدس، عندها “ينزل المسيح” ويعم السلام كل الأرض.

وكون الرؤية التراثية لدابق، و”ملاحم آخر الزمان”، تتحدث عن حرب بين “المسلمين والروم” أو “الصليبيين”، فكانت هذه هي الرمزية المفضلة للتنظيم، من أجل وصف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ضد الإرهاب، باعتباره يمثل “رايات الروم” و “حرباً صليبية ضد الإسلام” وأن هذه الرايات، هي المذكورة في أحاديث الفتن والملاحم، في التراث الإسلامي.

  • العربي الجديد
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل