الشام ليست لنا وليست لكم

يمان دابقي26 ديسمبر 2025آخر تحديث :
الشام ليست لنا وليست لكم

منذ إسقاط الشعب السوري النظام البائد في 8 ديسمبر 2024، تكاد التريندات لا تقف، عن سلوكيات، ومظاهر، منافية للواقع المعاش، من قبل ثلة من السوريين، أقل ما يمكن نعتهم بالحمقى، والموتورين.

تارةً نرى شخوصا مريضة بِداء البعث، تحلم بعودة ماهر، وبشار، من خلال رؤية مروحية، تقوم بتصوير فلم عن جرائم الأسدين، وفينة أخرى، ترى جينات البعث تدّب بأجسادهم، لمجرد بث أخبار كاذبة، من فلول الساحل، توعدت بالتحرّك، نحو دمشق، وإسقاط الحكومة الجديدة، وآخرون تراهم ينشطون “بريلات” عبر مواقع التواصل يعبرون عن مشاعرهم بالاحتفال بدمشق، لمجرد، أنّ شيخاً موتوراً من فلول النظام البائد بث دعاية كاذبة عن استقلال الطائفة العلوية في الساحل السوري، بعد نبأ كاذب عن فرض فرنسا لمجلس عسكري سيقوده مناف طلاس. وقس على ذلك من سلوكيات كما وصفها البعض “من خارج المنهاج” أو خارج السرب، والكوكب.

هؤلاء الذين لم يستطيعوا بعد تجاوز صدمة سقوط النظام، وزوال الامتيازات، وإنهاء دائرة الفساد، وسحب السيارات الفاخرة، والفيلات وغيرها من الممتلكات، وصفقات الفساد، والاختلاس، وعشاق الكبتاغون، والإتجار بالبشر، وضياع المقاصف، والسهرات، التي كانت تُقام ابتهاجاً بتدمير مدينة للسوريين، آخرها في 2016 كانت حلب التي أقيم لأجلها أعراس، وأفراح، من قبل ممثلين، شبيحة، ونبيحة، ومجرمين، وقتلة، وإعلاميين، جميعهم احتفلوا على أشلاء الحلبيين، وتدمير نصف مدينتهم بالكامل.
هذه السلوكيات وغيرها، كاستباحة دمشق بالسواد، ولطميات شذاذ الأرض من إيران، ومليشياتها، في دمشق القديمة، وحلب، ونسف معالم الأمويين، وتبديل الهوية، ولعن الأمة والصحابة، جهاراً، جميعها نسفت اليوم من الذاكرة، ولم يعد في مخيالهم، إلّا أنّ الغرباء استباحوا دمشق، وأهل اللحى، وغيرهم من أبناء الريف، الذين نُعتوا بحالة قرف في تريندات لمكوعيين، استشعروا للحظة أنّ الشام لم تعد لهم، وباتت محط اهتمام للغرباء، وكأنَّ الشام كُتبت على اسمهم في اللوح المحفوظ، دوناً عن غيرهم من السوريين..

هنا عند هذا المقام ظهرت أصوات لممثلي الصدفة، فنانون عاشوا أمجادا على أيام النظام البائد، رأوا في دوار ساحة الأمويين حالة مزرية وغريبة، لمجرد زيارته من قبل أبناء الريف من حلب، وإدلب وغيرها من المحافظات السورية، التي كانت محرومة من القدوم لدمشق، حينما كانت حكراً على أزلام النظام البائد وشبيحته، وأصحاب الطبقة الأرستقراطية المستفيدة من فساد النظام البائد، ولم تغب عننا تريندات “لبت لبت” وغيرها من السلوكيات التي عكست نظرة فوقية، قد تتعدّى الآدمية الإنسانية، بين أناس صنفوا أنفسهم فوق البشر، وآخرون دونهم.

الشام أيها السادة قلب الأمة النابض، وعروس المشرق، ومقبرة الغزاة، عبر التاريخ، من البيزنطيين، وهولاكو، وتيمور لنك، ومن الفاطميين والقرامطة، هؤلاء دُحروا على أيدي الناصر صلاح الدين، وخالد ابن الوليد، وأبي عبيدة، تاريخٌ لازالت أمجاده حاضرة، رغم ذلك يأتيك من سفهاء القوم، من يقول “الشام مالا إلنا” وهو التريند الأخير لشفاء صوان والتي شكلت نموذجا عن عشرات الحمقى الذين يطلقون كلمات في الهواء الطلق، مع تحييد كامل لعقولهم، التائهة في عالم الأمس واليوم.
صوان التي قالت “الشام مالا إلنا” حاولت تشويه صورة الأمن العام، بسبب خلافات شخصية مع أفراد عائلتها، وما أن تفجر الخلاف بينهما حتى حاولت الاصطياد بالماء العكر، لتصل لدرجة التعدّي على الشام وتنضم مع جوقة الموتورين الممتعضين من خسارتهم لدمشق وفق شعورهم الخارق!
الشام التي بارك الله بها، وأوصى بها رسوله صل الله عليه وسلم، هي براء من هؤلاء، فلا الشام لهم وليست لنا، فنحن عابرون، في حقبتين زمنيتين، شهدت اليوم التغيير، على أيدي من أكرمه الله بالشهود على إسقاط الأسد، فهي ليست لنا، لأننا أصحاب التغيير راحلون، وأوصلنا الأمانة إلى أهلها، وهم أهلنا السوريين، من كل شبر في سورية. الشام التي اتفق عليها العلماء هي المكان الذي ذكرها الله في قوله “الذي باركنا حوله” وهي أرض الشام والمناطق المجاورة للأقصى، هي أرضٌ مباركة بإجماع أهل السنة والشريعة. الشام هي أكبر مننا جميعاً، أخذت قيمتها، من الحضارات التي مرت بها وعليها، ومن كل من حط رحاله بها، منذ ملايين السنيين.
الشام هي منبع العلماء، وأرض الكرماء، ومكان الأطهار، ومصنع التجار، ونبع الثقافة، والتراث، هي فخر بني أمية، ومنبر صلاح الدين، والمسجد الأموي، ولمسة الأيوبيين، والعثمانيين، وكل من نزل بها، وهي فسطاط المسلمين، ومربط المجاهدين، ومستقر القلب إلى يوم القيامة.
فلا يظنّن أحد أن ينسبها لنفسه، فهي ليست لهم، وليست لنا، هي الوجهة الأولى والنهاية، هي المبتدأ والمنتهى، وما بينهما عابروا طريق.
الشام للمسلمين إلى يوم القيامة ليست لكم ولنا، فشدّوا على ألسنتكم بحبالٍ من حديد.

اترك رد

عاجل