
كشفت مصادر عراقية رفيعة في العاصمة بغداد، لـ”العربي الجديد”، عن منع السلطات العراقية العشرات من ضباط ومسؤولين في النظام السوري المخلوع الموجودين في العراق، من مغادرة المعسكر الذي يقيمون فيه شمال بغداد، مع إبلاغهم بحرية مغادرتهم العراق إلى أي دولة أخرى يحصلون منها على تأشيرة دخول، أو العودة إلى سورية. ويأتي هذا الإجراء بعد أسبوع واحد من زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بغداد ولقائه برئيس الحكومة محمد شياع السوداني وعدد من المسؤولين العراقيين.
ويوجد 130 من كبار ضباط ومسؤولي نظام بشار الأسد في العراق بعد دخولهم البلاد براً مع الساعات الأولى لسقوط النظام في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي. وهذا العدد المتبقي هو من أصل 2493 عسكرياً سورياً دخلوا العراق، ليلة السابع وفجر الثامن من ديسمبر 2024، عبر معبر القائم الحدودي بين البلدين، وسلّموا أسلحتهم ومعداتهم للجيش العراقي، وعاد منهم أكثر من ألفين بشكل طوعي إلى بلادهم بتنسيق مع السلطات السورية التي أكدت تسوية أوضاعهم. غير أن العشرات من كبار الضباط والمسؤولين في أجهزة أمنية رفضوا العودة، وقررت بغداد نقلهم إلى معسكر للجيش العراقي شمال بغداد يضم مجمعاً سكنياً خاصاً.
واليوم الأحد، قال اثنان من المسؤولين العراقيين في بغداد ضمن وزارة الدفاع العراقية، لـ”العربي الجديد”، إن ضباط النظام السوري لم يعد بإمكانهم مغادرة المعسكر الموجودين فيه. وأكد أحدهم، وهو ضابط برتبة لواء في وزارة الدفاع العراقية، لـ”العربي الجديد”، أن “الضباط السوريين لن يسمح لهم بمغادرة القاعدة الموجودين فيها، كون وجودهم في العراق لا يحمل طابعاً مدنياً”، مؤكداً أن “كافة الاحتياجات اللازمة لهم تم توفيرها من مأكل وملبس وعلاج، لكن مغادرتهم القاعدة العسكرية غير متاح”.
فيما أكد ضابط آخر لـ”العربي الجديد” عدم صحة ما روجته بعض الحسابات على مواقع التواصل من وجود أنشطة لهؤلاء الضباط داخل العراق، مبيناً أنهم “موجودون داخل معسكر التاجي، 30 كيلومتراً شمال بغداد، ولا يسمح لهم بالتنقل داخل المدن أو المناطق العراقية، كما يحاول البعض تصوير ذلك وربطه بالهجمات التي حصلت في مدن الساحل السوري خلال الفترة الأخيرة”، وفقاً لقوله.
وكشف الضابط عن أن بغداد أبلغتهم بـ”إمكانية مغادرتهم العراق إلى أي دولة أخرى يحصلون منها على تأشيرة دخول رسمية، أو العودة إلى بلادهم، لكن في الوقت الحالي، لن يسمح لهم بالخروج من المعسكر”.
ونهاية الشهر الماضي، أقر العراق لأول مرة، من خلال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، بوجود 130 عسكرياً سورياً من نظام الأسد في بغداد. وأوضح العباسي، في تصريحات أدلى بها للصحافيين في السادس والعشرين من الشهر الماضي، أن “ما تبقى في العراق من ضباط الجيش السوري السابق هم 130 شخصاً، وهؤلاء يرفضون العودة إلى سورية منذ سقوط الأسد، وموجودون في أحد المواقع الأمنية”.
وأكد أن “العراق خيّر هذه العناصر بين العودة أو البقاء، وهم يرفضون العودة حالياً، ونحن نسعى لإيجاد وضع قانوني لعناصر الجيش السوري الموجودين في العراق، كما أنه حتى الآن، ليس هناك تواصل بين وزارة الدفاع العراقية ووزارة الدفاع السورية”، وفقاً لقوله.
ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها “العربي الجديد”، فإن غالبية الضباط الـ130 هم أمراء ألوية ووحدات بالجيش السوري، من الفرقتين الرابعة والخامسة، إلى جانب ضباط بالأمن والمخابرات، ويرفضون العودة إلى بلادهم، كما أن بعضهم قدّم طلباً لاستقدام أسرته إلى العراق، لكن السلطات العراقية لم تتجاوب مع طلبات كهذه.
وتعليقاً على ذلك، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي إن الخطوات قد تكون من نتائج زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بغداد الأسبوع الماضي. وأضاف النعيمي، لـ”العربي الجديد”، أن “نهج حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني هو النأي عن التدخل في الملف السوري بأي صورة أو شكل من الأشكال، ومن المؤكد أن هؤلاء الضباط باتوا عبئاً على الحكومة العراقية حالياً، خاصة أن الرأي الغالب في المنطقة هو دعم المرحلة الانتقالية الحالية في سورية، ومساعدتها على تجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية”.
ووصف القرار الحكومي العراقي بأنه “مهم لإغلاق الشائعات التي تتحدث عن دور سلبي من داخل العراق تجاه سورية”، رغم أن “فصائل مسلحة وأحزاب حليفة لإيران تخالف الحكومة بهذا التوجه”، بحسب النعيمي.