انتصرت سوريا، والحمد لله من قبل ومن بعد.. وظهر الحق وجاء الفجر، وزهق الباطل وأفل الليل، وتحققت آمالنا، بعدما يئسنا من الماديات والمحسوسات، ولكن ما خابت ظنوننا بربنا، الذي أعطانا فوق ما نأمل، وأكثر مما أردنا، وأزود مما فكرنا به، حتى أدهشنا بعطائه، وأبهرنا بكرمه، فله الحمد والشكر حتى يرضى..
وأهل سوريا اليوم بدأ امتحانهم الحق، واليوم هم في مفترق طرق، والعالم يشاهد ويحكم..
نعم.. لدينا قضايا وجراح وقروح ومظالم، ومع هذا نؤمن أيضًا أنّ لكلّ مجرم جزاء يليق به لا محالة، ولكن لسنا نحن الحكام والقضاة، فهناك محاكم هي المعنيّة بالمظالم والأحكام والعقوبات، فعلينا بالصبر والتصبّر
فيا أهل سوريا الكرام، بلدنا بحاجة إلى الهدوء والحكمة والتروّي من الجميع، فهي في حالة مخاض جديد، وولادة ميمونة مباركة.. الآن بدأ عملنا في العطاء والإنجاز، وجاء دورنا في النهوض والإصلاح والتعمير، نحتاج الى التعقّل والرشاد لا العجلة والحماقة، ونحتاج إلى البناء والإنشاء لا الهدم والتدمير، ونحتاج إلى الرحمة والرأفة لا الظلم والنكران، ونحتاج إلى الحبّ والودّ لا الكراهية والبغضاء، ونحتاج إلى اللين والمرونة لا العنف والشدة، وكذلك نحتاج إلى القوة والحزم، لا الضعف والتردد.
لنعمل جميعًا في بناء بلدنا الرائع، بأيدينا وجهودنا وتضافرنا وآمالنا، فلا تنتظروا أحدًا من الخارج لعوننا وإمدادنا، الله أعاننا من قبل وصدق وعده بنصرنا، والآن جاء وقت تكملة هذه المسيرة الصعبة.
السوريون شعب عظيم، وأمّة راقية، تصنع المعجزات بهمّتها العالية، وحبّها وإخلاصها وإتقانها وصدقها، وقد وقّع العالم وشهد على ذلك عبر إبداع السوريين في العالم. فكلّ منّا يفكّر فيما يَقدر عليه ليبذله لهذا الوطن الجميل، ولنُقِم المسابقات والمبادرات في تقديم الأفضل والأسمى والأرقى.. وإياكم وفكر الانتقام، وإثارة الأحقاد، وتشويش الفكر، فهذا ليس من شيمنا، ولا من أخلاقنا، ولا من ثقافتنا.
نعم.. لدينا قضايا وجراح وقروح ومظالم، ومع هذا نؤمن أيضًا أنّ لكلّ مجرم جزاء يليق به لا محالة، ولكن لسنا نحن الحكام والقضاة والجلاد، فهناك محاكم هي المعنيّة بالمظالم والأحكام والعقوبات، فعلينا بالصبر والتصبّر.
يا أهل سوريا، التفتوا إلى إظهار بلادكم بأحلّى صورة، وأبهى حُلّة، وأفضل مظهر، وإياكم والتواكل أو التقاعس أو الإهمال، العالم كلّه الآن يلتفت إليكم بعدما تعامى عنكم لسنوات عجاف، والعيون الآن تتفتح عليكم، فأظهروا محاسن فطرتكم السليمة، وأبدوا روعة خبراتكم الطيبة المبهرة.. ولا تنسوا أن العالم بأكمله – صديقًا كان أم عدوًا- قد سلّط الأضواء عليكم وسيقوم بالنقد الدقيق، والتجريح والتعديل، والتصديق أو التكذيب، وسيجري الفروق والمقارنات بين حكمكم لبلدكم الآن وحكم المجرم الساقط قبل ذلك، فاحذروا أن تكونوا من الخاسرين.
أملنا كبير بنجاحنا في هذا الامتحان الصعب، كيف لا والله معنا ومعيننا ما دمنا نمشي بنور شريعته وقرآنه وسنة نبيه
يا أهلنا، اعلموا وأيقنوا أن أهل الشام أهل الخير والبركة، وأهل الشرف، وأهل الجمال، وأهل العفو، وأهل الحكمة، وأهل الحب والعرفان، فإياكم ونقيض ذلك.. أيها السوريون؛ بلدكم ينتظركم، فاصنعوا أمجادكم بسواعدكم القوية، وبأخلاقكم الحسنة، وبأعرافكم الجميلة، وقبل كلّ ذلك بدينكم الحنيف، وشريعتكم السمحة الراقية.
أملنا كبير بنجاحنا في هذا الامتحان الصعب، كيف لا والله معنا ومعيننا ما دمنا نمشي بنور شريعته وقرآنه وسنة نبيه، فالنصر القادم أكبر وأجمل بإذن الله، فلنبدأ من الآن في بناء بلدنا الحبيب.