تمهّل
وتعال لتقف معي دقيقة وقت..
على تلك الأساسيّات التي أمست هوامشا..
ولكن عليك أن تعلم قبلها أنّها ليست كٱبة الشتاء.. فأنا ياصديقي كائن شبه شتوي..
أحبّ كثيرا تلك الهوامش البعيدة..
كوجه رغيف الخبز من الناحية البيضاء هناك على المدفأة
وضعته أمّي على سطحها الملتهب كعقوبة له ..
فقد كان قبل يوم من الآن طريًّا شهيّا.. فلماذا تغيّرت طباعه بعد يوم!
صحن الزيت يجاور كؤوسًا ذات لون جذّاب.. يخرج منها القليل من البخار ورائحة الشاي تريد أن تحتّل بعض أرجاء الغرفة..
تستلقي بعض الباذنجانات في صحن واحد.. وكأن سجنها في “قطرميز” طيلة شهر قد أتعبها.. وبتنا ندللها بلقب “مكدوسة” لتكون أجمل..
لا شيء جديد حتّى في هوامش قريتي..
صوت أبي حين دخل من الباب ليقف بجانب المدفأة وقد تبلل من المطرة الأولى الغزيرة .. وصوت المطر يرشق مرّة واحدة وكأنّه في نهاية دوامه..
ثمّ رائحة التراب والقش.. أذلك سكْر أم سحٍر!
أمّا أنا فأريد أن أفتعل سببًا ما لأخرج قليلا تحت المطر الذي سيزيد من طول شعري.. لأنّ المطر يجعل الشعر أكثر طولا.. هكذا قالت لي جدتي ذات يوم وهي تربط جدائلها النحاسيّة الطويلة..
سيول تلّ القرية الرفيعة تنحدر من كلّ صوب من تلّنا الذي كان قبل ساعات يقف صامتًا يشاهد تفاصيل القرية وملامح سكانها من عل.. من الذي أطلق سراح تلك السيول فجأة!
ستخلد كلّ تلك الهوامش معي ليلًا حين تنقطع الكهرباء وتصطفّ فرشنا بانتظام بجانب بعضها وعليها الأغطية المخصصة لنا, ليرقد كلّ واحد منا مكانه المعتاد.. ثمّ تخفّف أمّي نور ضوء الكاز بعد ربط خزان مدفأة “المازوت” معلنة بطريقة ما أنّ وقت النوم قد حان.. مستبدلة عبارة “تصبحون على خير” بكلمة “ناموا بقا”..