التمرد الشعبي في إيران.. مستقبل مؤكد

ضياء قدور20 يوليو 2024آخر تحديث :
ضياء قدور
الرائد ضياء قدور، مهندس منشق، باحث وكاتب في الشأن الإيراني

في خضم التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تبرز إيران كنقطة محورية في المعادلة الإقليمية والدولية. فمنذ الثورة الإسلامية عام 1979، شهدت البلاد تحولات عميقة في بنيتها السياسية والاجتماعية، مما أدى إلى حالة من الاستقطاب الحاد بين النظام الحاكم والمقاومة الإيرانية.

ويواجه النظام الإيراني، المتمثل في نظام ولاية الفقيه، تحديات متزايدة على الصعيدين الداخلي والخارجي. فداخليًا، تتصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، في حين تتعرض البلاد لضغوط دولية متزايدة بسبب برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية.

في المقابل، تسعى المعارضة الإيرانية، وعلى رأسها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة مريم رجوي، إلى تقديم بديل ديمقراطي للنظام الحالي. وتتمحور رؤية المعارضة حول إقامة جمهورية ديمقراطية تعددية تحترم حقوق الإنسان وتفصل بين الدين والدولة. من أبرز القضايا التي تشغل الساحة السياسية الإيرانية حاليًا:

1. الانتخابات الأخيرة وشرعيتها:
شهدت إيران مؤخرًا انتخابات رئاسية وبرلمانية أثارت جدلًا واسعًا. وصفت المعارضة هذه الانتخابات بأنها “مسرحية” لا تعبر عن إرادة الشعب الإيراني. وقد تميزت بتدني نسبة المشاركة الشعبية واستبعاد العديد من المرشحين المعتدلين والإصلاحيين. كما أثيرت اتهامات واسعة بالتزوير والتلاعب بالنتائج.

2. أزمة الخلافة وتحديات النظام:
يواجه النظام الإيراني أزمة خلافة حادة، حيث فشلت محاولات المرشد علي خامنئي لترتيب خلافته وضمان استمرار النظام. هذا الفشل أدى إلى تفاقم الأزمات الداخلية وزيادة احتمالات الانتفاضة الشعبية.

3. الحراك الشعبي والمطالب الإصلاحية:
تتزايد المطالب الشعبية بإجراء إصلاحات جذرية تشمل إلغاء الحجاب الإجباري، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، ووقف عمليات الإعدام والتعذيب، ورفع الرقابة عن الإنترنت، وإجراء انتخابات حرة. لكن النظام يرفض هذه المطالب ويصر على مواصلة نهجه القمعي.

4. الملف النووي والعلاقات الدولية:
يشكل البرنامج النووي الإيراني نقطة خلاف رئيسية مع المجتمع الدولي. فرغم المفاوضات المتعددة والاتفاقيات الموقعة، لا تزال هناك شكوك حول نوايا إيران النووية. كما أن سياسات إيران الإقليمية، خاصة في سوريا والعراق واليمن، تثير قلق دول المنطقة والقوى الدولية.

5. دور المعارضة الخارجية:
تلعب المعارضة الإيرانية في الخارج، وخاصة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، دورًا مهمًا في تسليط الضوء على انتهاكات النظام وتقديم بديل سياسي. وتنظم المعارضة تجمعات سنوية في باريس وبرلين وغيرها من العواصم الأوروبية لحشد الدعم الدولي لقضيتها.

تقدم مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، رؤية لمستقبل إيران تتضمن:

• إقامة جمهورية ديمقراطية تعددية

• فصل الدين عن الدولة

• إلغاء عقوبة الإعدام وحظر التعذيب

• ضمان المساواة بين الرجل والمرأة

• احترام حقوق الأقليات القومية والإثنية

• إقامة علاقات سلمية مع دول الجوار والمجتمع الدولي

• التخلي عن برنامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية

رغم الدعم الذي تحظى به المعارضة من بعض الشخصيات والدوائر السياسية الدولية، إلا أنها تواجه تحديات في توحيد صفوفها وإقناع جميع أطياف المعارضة الإيرانية بتمثيلها. في ظل هذه التحديات المتعددة، يبدو أن إيران تقف على مفترق طرق. فالنظام يواجه ضغوطًا متزايدة داخليًا وخارجيًا، في حين تسعى المعارضة لتقديم نفسها كبديل قابل للحياة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتمكن النظام من الصمود في وجه هذه التحديات، أم أن البلاد ستشهد تحولًا جذريًا في المستقبل القريب؟ الإجابة على هذا السؤال تعتمد على عدة عوامل، منها:

1. قدرة النظام على معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية

2. مدى نجاح المعارضة في توحيد صفوفها وكسب تأييد شعبي واسع

3. تطورات الملف النووي والعلاقات مع المجتمع الدولي

4. التحولات الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على الوضع الداخلي الإيراني

في الختام، يبدو أن المشهد السياسي الإيراني مقبل على تحولات مهمة في المستقبل القريب. وسيكون للشعب الإيراني، بكل أطيافه وتوجهاته، الدور الحاسم في تحديد مسار هذه التحولات ورسم مستقبل البلاد.

المصدر إيلاف
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل