عندما كنت طالباً في الجامعة وبعد إصرار دام لعدة أسابيع رضخت لإلحاح صديقي بالذهاب إلى سوق الجمعة، الذي أكد لي أن حليب العصفور موجود بالسوق..
استيقظنا باكرا… وبما أن المدينة الجامعية كانت في أقصى غرب حلب، وسوق الجمعة في أقصاها من الشرق اضطررنا لركوب عدة سرافيس حتى وصلنا إلى سوق الجمعة..
بمجرد ولوجنا في بدايات السوق داهمتنا الزحمة وانغمسنا فيها .. لكن الذي صدمني أن معظم المواد المعروضة كانت مستعملة مهترئة… حتى أن هناك مواد ربما تجدها بجانب حاويات القمامة ولا أحد يقترب منها.. لكنها هنا معروضة للبيع.. هناك كراسي بلا أرجل.. هناك أطباق طعام مكسورة.. هناك خرق بالية لا تصلح لمسح الغبار معروضة كملابس للبيع.. مسامير وبراغي صدئة… الأشياء الجيدة قليلة.. والأشياء المميزة نادرة جدا.. لكن الزحمة تأخذك … وغرابة الأشياء المعروضة تسلّيك.. كل ما يخطر على بالك والذي لا يخطر على بالك …موجود بالسوق… لم “نصحو” كم مر من الوقت حتى أذن لصلاة الجمعة..
قلت لصاحبي دعنا نذهب للصلاة.. قال مبكرا قليلا.. وتابعنا من بسطة خردة إلى أخرى ومن زقاق إلى زقاق، داهمنا الوقت وذهبت منا صلاة الجمعة…
ومر الوقت.. انتهى النهار ولم ينته السوق.. هممنا بشراء بعض الأشياء.. لكننا أجلنا شراءها على أمل أن نجد أفضل منها… أضعنا يومنا بالتعب والجوع و لم نشتر شيئا..
سوق الجمعة لا يختلف كثيراً عن سوق السوشال ميديا اليوم..
سوق مزدحم بملايين ومئات الآلاف من الناس واللايكات والتعليقات …
لكن بضاعته معظمها خردة أو قمامة .. وقليل منها النفيس والمفيد.. وكم أضعنا وسط ذلك الزحام من صلوات لله وصلات للأرحام والأقارب والأصدقاء.. وأضعنا وقتنا وعمرنا وخرجنا في آخر المطاف من المولد بلا حمّص…
عذراً التعليقات مغلقة