شباط شهر الحرب والحب

معاذ عبد الرحمن الدرويش28 فبراير 2024آخر تحديث :
معاذ عبد الرحمن الدرويش

يقول المثل الشعبي السوري “شباط ما في على كلامه رباط” في إشارة إلى تقلبات الطقس السريعة والمفاجئة في هذا الشهر، حيث قد يكون النهار مشمساً دافئاً، ويكون الليل بارداً ممطراً والعكس ممكن أيضاً.
تسوق ماكينة الإعلام العالمية لجعل شهر شباط شهراً للحب والرومانسية، من خلال التأكيد على عيد حب “الفالانتاين” والذي يصادف اليوم الرابع عشر منه.
كعادتهم دائماً يحاولون إلهاء الشعوب، وحرف بوصلة تفكيرها بمناسبات ذات ظاهر إنساني جميل، في حين لا يوجد تحت الرماد سوى الجمر و النار.
وشهر شباط تاريخياً يعتبر من الأشهر الأكثر دموية في المنطقة في العصر الحديث.
وقد شهد أحداثا تعتبر مفصلية في حياة شعوب المنطقة العربية والإسلامية.

ففي 2 من شهر شباط من العام 1982 حدثت أكبر مجزرة في القرن الماضي عندما ارتكب نظام الأسد مجزرة حماة التي راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى تدمير مساحات كبيرة من مدينة حماة، وبذلك أرسى نظام الأسد الدموي أسس حكمه الديكتاتوري في سوريا، على أثرها أطلق شعار (إلى الأبد يا أسد).

وفي 14 شباط من العام 2005 تم اغتيال الشهيد رفيق الحريري من قبل نظام الأسد وأعوانه في لبنان، وعلى أثرها تم اغتيال لبنان، ذلك البلد الجميل بلد الحب والثقافة، ليتم تسليمه إلى حثالة لا تعرف إلا الدمار والقتل.

وفي 24 شباط من العام 2022 شن الروس الحرب ضد أوكرانيا وعاثوا فسادا بالعباد والبلاد ولا يزالون مستمرين إلى يومنا هذا.
هذا في عصرنا الحالي.. أما لو رجعنا إلى التاريخ فهناك الكثير من الأحداث المؤلمة والدامية حدثت في شهر شباط وكانت أحداثا مفصلية في تاريخ المنطقة والبشرية، وعلى سبيل الذكر لا الحصر:

في 10 شباط عام 1258 المغول يدخلون بغداد بقيادة هولاكو..

في 2 شباط عام 1260 سقطت دمشق بيد المغول..

في 25 شباط عام 1994 مجزرة الحرم الابراهيمي في الخليل، التي راح ضحيتها أكثر من 26 شهيدا فلسطينيا.
لا أحب التشاؤم أو ربط ذلك بأي مكان أو زمان.. و لكن كيف لنا أن نحتفل بعيد الحب، وآلة الحرب تسحق الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء في غزة وفي سوريا وفي كثير من الأماكن على وجه المعمورة؟!
هم يحاولون تقديم بعض الأقنعة الجميلة لكي يخفوا خلفها وجههم القميء.
والضحية في كلا الحالتين من البسطاء والمساكين.
فقبل أن نحتفل بعيد الحب، على الإنسانية أن توقف شلالات الدم، وجنازير الدبابات التي تسحق أشلاء الأطفال والأبرياء هنا وهناك .
على الإنسانية أن تؤوي الملايين من المشردين والمهجرين في خيام النزوح والتهجير القسري،
أن يشبعوا الأطفال الجوعى، أن يؤمنوا النساء الخائفات، أن يدفئوا الشيوخ العراة..
أن تقف بوجه الأشرار الذين يعيثون فساداً و إفساداً.. قتلاً ودماء دون أن يرف لهم جفن عين.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل