على الرغم من أن قوات نظام الأسد عاودت سيطرتها على كامل محافظة حلب في أواخر العام 2016، فإن المشهد العام في الأحياء التي شهدت مواجهاتٍ عسكرية بين قوات الأسد وفصائل المعارضة قبل نحو ثماني سنوات يظهر كما لو أنها خرجت من الحرب للتوّ.
إذ لا تزال الأنقاض متراكمة في الشوارع والبيوت المهجورة والمحلّات الفارغة.
فما السبب؟
أدت العمليات العسكرية التي تلتها سيطرة قوات الأسد بدعم روسي ومن المليشيات المدعومة من إيران، على أحياء “حلب الشرقية” وانسحاب المعارضة المسلّحة منها، إلى دمار هائل في المنشآت السكنية والخدمية قبل نحو ثماني سنوات، وبالتالي غياب المؤسسات الخدمية عن تلك الأحياء.
ومع أن شركتي الكهرباء والمياه عاودت العمل في بعض المناطق كالشعار والفردوس والأنصاري والجزماتي وهي كلها أحياء تقع ضمن “حلب الشرقية”، فإن شركة الكهرباء لا تلبي احتياجات السكان، فالتيار ينقطع لساعاتٍ طويلة في بعض المناطق دون إيجاد حلٍ سريع لهذه المشكلة.
وفي السياق، قال مسنٌ حلبيّ يعيش في منطقة الفردوس، إن “الخدمات الأساسية كالكهرباء لا تلبي حاجتنا”، مضيفاً أن “واقع المياه أفضل بكثير من الكهرباء، فهذه مشكلتنا الكبرى مع عدم قدرتنا على شراء مولدات كهربائية أو طلب اشتراكٍ من أصحاب المولدات الخاصة”.
وأضاف المسن الحلبي الذي غادر كل أبنائه إلى دولٍ أوروبية لـ”العربية.نت” أن “البلديات لا تقوم بواجبها وتتصرف كما لو أن أحياء حلب الشرقية تقع خارج المدينة، حتى بات الوضع الخدمي في الأرياف أفضل بكثير مما نعيشه داخل المدينة”.
ما زاد الطين بلة
ولا يبدو انقطاع الكهرباء المشكلة الوحيدة التي يواجهها سكان “حلب الشرقية”، فالأنقاض التي لم تتم إزالتها منذ أن أعادت قوات الأسد سيطرتها مشكلةً إضافية لهم.
وقالت زوجة المسنّ لـ “العربية.نت” إن “ما زاد الطين بلّة هو الزلزال الذي ضرب المنطقة في عام 2023 الماضي، فقد نجم عنه المزيد من الدمار دون أن تقوم البلديات بعملها في رفع الأنقاض أو تقديم الملاجئ للذين خسروا بيوتهم جراء الزلزال”.
كما أكدت أن “المراكز الخدمية شبه غائبة عن مناطقنا باستثناء القوى الأمنية والشرطة والمدارس”، مطالبة حكومة نظام الأسد بالتحرّك لإيجاد حلولٍ للمشاكل الخدمية في أحياء “حلب الشرقية” التي كانت الأكثر تضرراً من الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير/شباط من عام 2023 الماضي.
من جهته، أوضح المحلل السياسي وائل أمين المقيم في حلب أن “عودة الحياة مرهونة بتقديم الخدمات للسكان”.
كما يدّعي في حديث لـ”العربية.نت” أن “حكومة النظام عملت على إعادة تأهيل محطات المياه، وشبكات الضخ، وأعادت مد شبكات الكهرباء لأغلب الأحياء الشرقية، لكن التيار هو بحد ذاته مشكلة في عموم سوريا لعدم توفر الوقود اللازم لعمل المحطات الكهربائية وكذلك نتيجة عدم سيطرة حكومة الأسد على مصادر الطاقة شرق البلاد والعقوبات المفروضة عليها من الخارج”.
ويزعم المحلل السياسي أنه “لا يمكن حل مشكلة الأنقاض المتراكمة في الوقت الحالي لأسبابٍ كثيرة، منها عدم وجود آليات ثقيلة يتطلب استيرادها من الخارج رفع العقوبات المفروضة على دمشق”.
الغلاء أيضاً
كما أشار إلى أن معاناة سكان حلب الشرقية ترتبط بالغلاء المعيشي وارتفاع أسعار السلع الغذائية.
وكانت المواجهات العسكرية بين فصائل المعارضة وقوات نظام الأسد مدعومة من الجيش الروسي ومليشيات إيرانية في أواخر العام 2016 أدت إلى نزوح مئات الآلاف من سكان “حلب الشرقية”، لكن تأخّر إعادة الإعمار وقلّة الخدمات تمنع الكثيرين منهم من العودة إلى بيوتهم مجدداً.
Sorry Comments are closed