ما تزال المرأة السورية تعيش تحت وطأة العنف بأشكاله المتعددة، سواء الاجتماعي أو الجنسي أو الاقتصادي أو النفسي، خاصة في ظل غياب التوعية المجتمعية والرادع القانوني، وهيمنة العادات والتقاليد التي تمنعها من المطالبة بأدنى حقوقها.
ويحلّ اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، من 25 نوفمبر/ تشرين الثاني وانتهاء بيوم 10 ديسمبر/ كانون الأول، دون أي أن يحمل أي جديد لواقع معيشي ومشكلات تتخبط فيها المرأة السورية، في غياب أي حلول، وفقاً لشهاداتهن لـ “العربي الجديد”.
لم تستطيع حنان درويش (26 عاماً) إخفاء ما تعانيه من صداع ناتج عن الضغوط النفسية أثناء الحديث عن العنف الذي تتعرض له من طرف زوجها العاطل عن العمل، وقالت لـ “العربي الجديد” إن شريك حياتها يعاملها للعام السادس على التوالي بعنف ودون شفقة، خاصة أنه دائم الجلوس في المنزل وقلما يجد عملاً.
وأضافت أنها أجهضت حملها مرات عدة جراء العنف، دون أن تجد وسيلة تمنع ذلك إلا تركها لأولادها وبيتها وطلبها الطلاق وهو ما لا ترغب بالوصول إليه على أمل تحسين أحوال زوجها المادية والنفسية.
أما مرام القنديل (33 عاماً) فقد حاولت التمرد على معاملة زوجها السيئة لها وتعرضها للتعنيف الجسدي واللفظي أمام أطفالها وجيرانها ولجأت للقانون، حيث تقدمت بشكوى لمخفر قرية قورقنيا البلدة التي تقيم فيها بعد نزوحهم من مدينة معرة النعمان، وعلى الرغم من تقديم تقرير طبي بوجود أذى جسدي وكدمات في مناطق متعددة من جسدها، فكل ما قام به المخفر هو إجراءات القبض عليه وسجنه لساعات قليلة وإخلاء سبيله دون إعطاء الأمر أهمية أكثر من ذلك.
وأشارت إلى أن إجراءات المخفر واستهتاره أدخلاها في معركة انتقامية مع زوجها الذي حرمها رؤية أبنائها الثلاثة وشوّه سمعتها وبادر بالزواج عليها دون تطليقها أو منحها أي حقوق.
لا ترى مرام أن اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة يعني لها شيئاً طالما أنها لم تسجل أي مساعدة من أي جهة تنهي معاناتها، وتبدي استغرابها من وجود هذا اليوم الذي لم يحقق لها أي فوائد طرأت على حياتها الشخصية سواء بالحد من العنف الممارس عليها أو حتى بتوفير بيئة آمنة لها.
من جانبها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية حلا الشيخ لـ”العربي الجديد” إن العنف ظاهرة عالمية مُدمّرة للمجتمعات على الصعيد الفردي والأسري، وهو يزداد في إدلب وسط الحرب المستعرة، وغياب الأمن والأمان وسيادة القانون.
وأكدت أن الحلول غائبة عن إدلب التي تفتقر للفعاليات المدنية والجلسات التوعوية التي من شأنها رفع مستوى الوعي ونشر المعرفة حول العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد منه، ومن آثاره السلبية على صحة النساء الجسدية والنفسية.
واعتبرت أن إدلب تعيش ثقافة العنف الأسري، والإفلات من العقاب، وخاصة ضمن أجواء الحرب وزيادة معدلات الفقر والاضطرابات النفسية، وغياب الرقابة الأمنية التي من شأنها الحد من تلك الانتهاكات.
وبحسب إحصائيات أممية سابقة، تتعرّض أكثر من 70% من النساء في حياتهن للعنف، وأن 35% من النساء والفتيات على مستوى العالم تعرضن لنوع من أنواع العنف الجنسي، وفي بعض البلدان تتعرض 7 من كل 10 نساء لسوء المعاملة. ويقدر عدد النساء اللواتي تزوجن صغيرات بـ 700 مليون امرأة، منهن 250 مليوناً تزوجن دون سن الخامسة عشرة. ومن المرجح ألا تكمل الفتيات اللواتي يتزوجن تحت سن الثامنة عشرة تعليمهن، كما أنهن أكثر عرضة للعنف المنزلي ومضاعفات الولادة.
Sorry Comments are closed