ولادة جسم جديد للمعارضة السورية في برلين.. اتهامات وانقسامات وردود

عائشة صبري27 أكتوبر 2023آخر تحديث :
عائشة صبري
مروان خوري.. رئيس التحالف السوري الديمقراطي موقع التحالف الالكتروني

أثار اللقاء السوري الديمقراطي الذي عُقد في العاصمة الألمانية برلين يومي 20 -21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الجدل في أوساط السوريين، وانقسموا ما بين مؤيد ومتحفظ ورافض، وذلك في وقت توالت الانسحابات من اللقاء لأسباب مختلفة.

الجسم الجديد للمعارضة السورية الذي حمل اسم “التحالف السوري الديمقراطي”، واجه العديد من الاتهامات التي تسبّبت بالانسحاب منه قبل ولادته أو بعدها، وفي هذا التقرير يُجمل تلفزيون سوريا أبرز أسباب الانسحاب من المؤتمر الذي صدر عنه مجموعة من الوثائق السياسية التي تُحدّد رؤيته لـ سوريا المستقبل، وهي وثائق أُقرّت في اجتماعات متتالية قبل عقد هيئة عامة، كما يعرض الموقع الردود على الاتهامات.

من الشخصيات التي انسحبت من اللقاء السوري الديمقراطي في يوم الافتتاح د. زاهر بعدراني رئيس “تيار المستقبل السوري” والذي أوضح في مقال رأي أنَّ من سلبياته: إغلاق الغرفة الحوارية الرسمية للقاء، ووجود شخصيات اُتفق على تحييدها، وشخصيات لديها مواقف سياسية لا تمثّل الشعب السوري، إضافة إلى وضع كوتا (حصّة) للنساء وأخرى للشباب دون تفصيل.

مخاوف من صياغات تحتمل تأويلات

أعرب سياسيون وناشطون عن مخاوفهم من الصياغات التي تحتمل تأويلات قد تُحقق أجندات تضر بالثورة، وقال عضو “مجلس تركمان المنطقة الوسطى” أحمد حاميش، لموقع تلفزيون سوريا: إنَّ وثائق المؤتمر لم تتضمن الإشارة لدور الاحتلال الروسي-الإيراني، كما لم تشر إلى المعتقلين وطلب إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط، فضلاً عن استخدامها مصطلح اللامركزية دون تحديد ماهيتها وصلاحياتها، إضافة إلى أنَّ شكل وصلاحيات الدولة السورية القادمة والحديث عن فيدرالية أو أقاليم ليست من صلاحيات المؤتمر.

وأضاف معتز شقلب -نائب رئيس “اتحاد تنسيقيات السوريين حول العالم”- لموقع تلفزيون سوريا، أنَّ إدراج اللامركزية المبهمة “يشي بأنَّ الأمر مائع يهدف لكسب ودّ قوات سوريا الديمقراطية (قسد)”.

وتابع: “ذات الأمر ينسحب على ذكر القرارات الدولية وبيان جنيف، حيث ذكروا هيئة الحكم الانتقالية لكنّهم لم يذكروا إسقاط نظام الأسد، فإصرارهم على هذه الصياغة “يُخشى منه الموافقة على التفسير الروسي للقرارات، أي حكومة وحدة وطنية بوجود الأسد حسب المفهوم الروسي”.

وفي سياق متصل، عزا ناصر أبو المجد، مدير شبكة “حقيقة” الإعلامية، سبب انسحابه إلى أنَّ “الورقة السياسية تتطابق مع ورقة الوزير الروسي لافروف التي طرحها نهاية العام 2015”.

وأضاف “أبو المجد” لموقع تلفزيون سوريا: إنَّ الورقة التي جرت عليها معظم مؤتمرات المعارضة تتضمن طرح القضايا بالعموميات، مثل: محاسبة كلّ المجرمين، إخراج جميح المحتلين، دون تحديد، بالتالي أيّة رؤية تتصدّر بهذه العمومية ليس لها شخصية وطنية وثورية.

ذريعة “الأسد وقسد”

من المآخذ التي اُنتقد فيها المؤتمر أيضاً هي مشاركة شخصيات لها مواقف داعمة للنظام السوري و”قسد” مثل: “سمير قحطان الهواش”، والذي فاز بانتخابات الأمانة العامة، لكنّه علّق عضويته ووضع نفسه تحت التحقيق، وكان ممثل وزير الدولة للمصالحة الوطنية، كما شارك في عضوية المجلس السياسي لـ”مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)”.

وفي ذات الصدد، أعلنت “تنسيقيات الثورة السورية” في الشمال السوري عن انسحابها من “التحالف السوري الديمقراطي” دون ذكر السبب، وعند تواصلنا معهم كان السبب “وجود شخصيات غير ثورية فازت في الأمانة العامة”، كما انسحب “تجمع الثوار الأحرار” من “المؤتمر الثوري العام” بسبب مشاركة الأخير في لقاء برلين “المرفوض بمبادئه وتوجهاته المنحرفة” حسب بيانهم.

فيما أعلن مؤسس منظمة “حقوق الإنسان للكرد السوريين المهجرين قسراً” معصوم أومري، انسحابهم بسبب وجود شخصيات تمثل “مسد وقسد”. كذلك اعتبر الأمين العام لحزب “بناء سوريا الديمقراطي” د. محمد غياث مارتيني، بأنَّ ما يذهب إليه هذا المؤتمر “لا يصب في مصلحة الوطن والشعب الواحد”.

الهيمنة والغموض

أعلنت الصحفية، سعاد خبية، في ١٨/١٠/٢٠٢٣ انسحابها من اللجنة التحضيرية للقاء برلين، وقالت لموقع تلفزيون سوريا: إنَّ الانسحاب جاء لعدم إمكانية الاستمرار في ظلّ “سلوك الاستحواذ والهيمنة على اللقاء والكيان المنبثق عنه من قبل المتحكمين باللجنة التحضيرية، وعدم تمتعها بالشفافية الكافية مع من دعتهم من المشاركين”. مشيرة إلى أنَّ الأمانة العامة فرضت مرشحين ضمنها بقوة الكوتا الخاصة باللجنة التحضيرية.

كذلك، “عبد الحكيم الخيرات، خالد الحسين محمد، ماجد الكرو، ميسره بكور” المرشحين عن “التجمع الوطني السوري الديمقراطي” لحضور مؤتمر برلين، أعلنوا في 19 تشرين الأوّل الجاري انسحابهم بسبب “الترتيب المسبق لمناصب الأمانة العامة”.

وفي بيان أصدره “الاتحاد الجمهوري السوري الموحد” في 17 الشهر الجاري ذكر أنَّ سبب انسحابهم يعود إلى استمرار الغموض من بعض التشكيلات والأعضاء المشاركين في المؤتمر، وطريقة إدارة التحضيرات والانتخابات المبهمة.

ولأسباب تتعلّق بمعايير عملهم الحقوقي، لم تشارك “منظمة ميزان لحقوق الإنسان” في المؤتمر، وفقاً لعضو الائتلاف المحامي ياسر الفرحان.

ردود رئيس وأمين عام التحالف السوري الديمقراطي

في معرض الردّ على أسباب الانسحاب من المؤتمر، وصف رئيس التحالف د. مروان خوري في تصريح لتلفزيون سوريا، بأنَّ الهجوم على اللقاء ومن ثم على التحالف بعد تشكيله “هجوم غير عادل”، موضحاً: “تم اتهامنا بتلقي التمويل من مسد وقسد تارةً، ومن الإخوان المسلمين تارةً، ومن كنيسة داعمة لنظام الأسد تارةً أخرى”.

وتابع: “نحن نؤكد أنَّ تمويلنا سوري ذاتي من أنفسنا فقط ومن كيانات اللجنة التحضيرية الثلاثة ومن سوري واحد تبرع لنا بمبلغ خمسة آلاف دولار هو د. خلدون الأسود، وهذا التمويل الوحيد الذي ساهم في اللقاء”.

وبالنسبة للانسحابات الحاصلة أعرب عن أسفه قائلاً: “نحن ديمقراطيون وهذه حرية للكيانات وللشخصيات، ولكن نرى وجوب التريث والتفكير قبل الانسحاب لمعلومات خاطئة أو لهجوم غير عادل، الأمر مؤسف ونتقبله بطبيعة الحال ونتابع عملنا كما رأيناه منذ البداية”.

وعن دور التحالف في المعارضة السورية الرسمية، قال “خوري”: إنَّنا لم نوجّه الدعوة للمعارضة الرسمية بشكل مؤسساتي، فقط دعونا أشخاصاً مستقلين، ولا نرى أنفسنا في موقع المعارضة الرسمية التي ارتكبت أخطاءً كبيرة وكثيرة، خاصة بوجود تبعية عند الكثير منها لأطراف معينة، مشيراً إلى أنَّهم يريدون أن “يكون قرارهم سورياً مستقلاً”.

أهداف “التحالف السوري الديمقراطي”

البعض يرى أنَّ التحالف المنشأ سيكون منصة جديدة تضاف لمنصات المعارضة الرسمية مثل منصتي القاهرة وموسكو، وعن هذا أوضح “خوري” أنَّ مكانهم في المعارضة الرسمية يُحدّده عملهم وتقدّمهم في مشروعهم، مردفاً: “لنترك الأمور للمستقبل”.

وأشار إلى أنَّ اللقاء بدأ التحضير له منذ نحو عام، وأهدافه هي: تجميع جهود القوى الديمقراطية السورية المتشتتة، فالحاجة كبيرة لوجود قطب ديمقراطي يعمل على إعداد برنامج مرحلي وبرنامج استراتيجي لوضع سوريا في طريق الديمقراطية والحرية، وهذا يتماشى مع أهداف الثورة السورية، وفقاً لـ”خوري”.

بدوره، قال أمين عام التحالف السوري الديمقراطي، المحامي حسان الأسود، لموقع تلفزيون سوريا: إنَّ “الاتهامات غير مستندة على أي أساس، وهي جزء من حملة الشيطنة المعتادة التي تواجه أي عملٍ سوري في الفضاء العمومي، فكلّ متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي مبرم، هذه قاعدة حقوقية دستورية مستقرّة”. مشيراً إلى أنَّ إطلاق الأحكام يحتاج وضع معايير ثورية واضحة ومتفق عليها.

وعن اتهام المؤتمر بأنَّ أصابع “قسد” وراءه من خلال وضع مصطلحات ذات معنى مفتوح مثل اللامركزية وعدم ذكر إسقاط النظام، أجاب “الأسود”، بأنَّ “المؤتمر تم اتهامه بأنّه صنيعة الإخوان المسلمين، وبأنّه مدفوع له من الأتراك لضرب الأكراد، وتم اتهامه بالعمالة لروسيا، وللصهيونية والرجعية والإمبريالية، وبقي فقط اتهامه بالعمالة لإيران”. موضحاً أنَّ النصوص تُقرأ بشكل متكامل وبمبادئ حسن النيّة، وبأدوات التحليل والربط والتفسير المتعارف عليها، والمصطلحات هذه لها مرجعيات تفسّرها.

وتابع: “لست بوارد تعريف اللامركزية وشرح القرارات الدولية، ثمّة تسع وثائق مترابطة متكاملة أوضح المؤسسون للتحالف السوري الديمقراطي فيها رؤيتهم، ولدينا في نهاية وثيقة المبادئ الأساسية عبارة تقول: “تعتبرُ وثائقُ مؤتمر القاهرة بتاريخ 03/07/2012 (وثيقةُ العهدِ الوطني – الرؤيةُ السياسيةُ المشتركة)، وكافةُ الوثائقِ التي أنتجتها هيئاتُ المعارضةِ السوريةِ خلفيّةً لوثائق اللقاء السوري الديمقراطي”.

وفيما يخصّ اتهام “المجلس السوري للتغيير” بالهيمنة على المؤتمر بدخول ستة أعضاء بأسماء منظمات مختلفة، بيّن “الأسود” أنَّه عند مراجعة سير الأعضاء لأي كيان سوري سنجد أنّه ينتمي لعدد منها، بعضها سياسي الطابع والآخر مدني، وأحياناً نجد تناقضات هائلة بينها، مع ذلك يبقى فيها جميعها.

برلين وباريس.. “اللقاء السوري الديمقراطي”

يشار إلى أنّ “اللقاء السوري الديمقراطي” الذي عٌقد في برلين، مؤخّراً، ليس له أي علاقة بـ”اللقاء السوري الديمقراطي” الذي تشكَّل في العاصمة الفرنسية باريس، عام 2020، وذلك بحسب بيان أصدره منسّق لقاء باريس صلاح الرفاعي.

المصدر تلفزيون سوريا
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل