يكثف الاحتلال الإسرائيلي من غاراته على قطاع غزة، بالتوازي مع تحشيده العسكري على حدود القطاع استعداداً لتوغل بري، وسط تزايد التسريبات عن انقسام بين المستويين العسكري والسياسي حول الهدف الرئيس للحرب، وما إذا كان يفترض أن يقتصر على “القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس وتدمير مؤسسات الحكم التابعة لها”، كما أعلن المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، أو “إلحاق هزيمة” بـ”حماس” كما أعلن الجيش.
بموازاة ذلك، تبرز تحذيرات في إسرائيل أيضاً من السماح بالانجرار إلى حرب برية في عمق قطاع غزة، خصوصاً بعدما كانت التوغلات البرية السابقة عاجزة عن تحقيق أي من الأهداف التي وُضعت لأجلها.
وفي ظل هذا التخبط الإسرائيلي، تبرز عدة سيناريوهات محتملة للشكل الذي ممكن أن تتخذه العملية البرية وأهدافها النهائية.
وبانتظار ما ستؤول إليه التطورات في الساعات والأيام المقبلة، تطرح تقديرات عامة للسيناريوهات التي يمكن أن يتخذها التوغل البري الإسرائيلي، وكلفته على الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، بما يتيح استبعاد البعض وترجيح البعض الآخر.
السيناريو الأول، وإن كان الأكثر استبعاداً، يتضمن احتمال تنفيذ الاحتلال اجتياحاً كاملاً للقطاع، وإعادة احتلاله للقضاء النهائي على قدرات المقاومة. وهكذا قرار إسرائيلي يتطلب الدفع بقوات قتالية مصحوبة بغطاء جوي وقصف مدفعي كثيف، إلى جانب اضطرار القوات الإسرائيلية إلى خوض قتال شوارع في المدن الرئيسية في قطاع غزة. كما أنه يفرض على الاحتلال تعبئة قدرات قتالية قادرة على تنفيذ هذه المهمة، والاستعداد لتحمّل خسائر بشرية ومادية كبيرة في قواته.
لكن هذا الخيار، إن جرى المضي به، يُنتظر أن يصطدم بتعقيدات عدة عسكرية وسياسية، أولها يرتبط بعدم تيقن الاحتلال من حدود ردّ فعل الحلفاء الخارجيين لفصائل المقاومة في غزة، خصوصاً بعد الرسائل الملتبسة التي تعمّدت إيران إرسالها في الأيام الأخيرة. كما أن تنفيذ هكذا سيناريو يعني أن على الاحتلال أن يفكر في مَن سيتحمل مسؤولية القطاع، وما إذا كان هناك من هو مستعد لذلك.
كما تذهب التقديرات إلى سيناريو ثانٍ يقوم على تقطيع قطاع غزة إلى ثلاث مناطق عمليات عبر التوغل البري من ثلاثة مناطق من غلاف غزة، شمالاً وشرقاً وجنوباً، وهو ما يعني أن كل منطقة عمليات ستشمل محاور عدة للقتال، مع ما تستدعيه من حشد قدرات هجومية إسرائيلية ستكون مهمتها الضغط على مدن ومخيمات القطاع، ومنع الحركة بين مدن الشمال والوسط والجنوب، للحيلولة دون تأمين الإسناد والدعم المتبادل بين فصائل المقاومة، ورفع كلفة الخسائر البشرية والمادية في صفوفها وصفوف المدنيين.
وإذا ما نجح الاحتلال في تطبيق هذا السيناريو، عبر تأمين تموضع قواته في الأماكن المحددة، خصوصاً إذا ما توفّر له الغطاء الجوي والمدفعي لتأمينها وضمان بقاء خطوط إمدادها مفتوحة، فإن ذلك سيساعده على جني مكاسب سياسية في أي مفاوضات متى ما بدأت.
كما أن التقديرات تذهب إلى أنه في حال مضي الاحتلال في هذا السيناريو، فإنه سيأخذ بعين الاعتبار استعدادات الفصائل، إن لجهة تكثيفها ضرب مناطق تحشيد قواته، أو لجهة اتخاذ ما يلزم من خيارات عسكرية على الأرض لإبطاء تقدم القوات الإسرائيلية، والاستعداد للاشتباكات، وضمان عدم قطع خطوط الإمداد أو التنسيق في ما بينها.
أما السيناريو الثالث، وفقاً للتقديرات نفسها، فيمكن أن يقتصر على تقدم بري محدود، عبر الدفع بقوات قادرة على تخطي السياج الشائك، والتموضع غربه، مع تشكيل خط دفاعي لقوات الاحتلال مسنوداً بغطاء جوي ومدفعي، يعقبه العمل على ترميم السياج الشائك بعد الأضرار التي لحقت به خلال تنفيذ عملية “طوفان الأقصى”، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية التعرض لعمليات تنفذها المقاومة خلال هذه العملية.
Sorry Comments are closed