دلائل حادثة الكلية الحربية بحمص.. اتفاق حول 4 مسائل وسؤال حاسم

عائشة صبري6 أكتوبر 2023آخر تحديث :

توالت التحليلات العسكرية والسياسية لحادثة الكلية الحربية في مدينة حمص، الخميس، والتي أدت لمقتل 81 شخصاً وإصابة 239 آخرين أثناء حفل تخريج دفعة من ضباط الكلية، وسرعان ما أعلنت ميليشيا أسد أنَّه “هجوم إرهابي بطائرات مسيّرة”، بالتزامن مع تصعيد العنف على محافظة إدلب.

موقع أورينت نت رصد العديد من الردود التحليلية  للحدث المفاجئ من نوعه، وكان هناك شبه إجماع على 4 مسائل:

  1. استبعاد أن تكون الفصائل المنتشرة في إدلب وحلب وراء الهجوم كون أقصى مسافة للدرونات المصنعة محلياً في سوريا 40 كم، والمسافة المطلوبة لا تقل عن 130 كيلومتراً.
  2. استبعاد أن تكون مسيّرة تركية رداً على هجوم أنقرة، كون الجهة المسؤولة هي حزب العمال الكردستاني المتواجدة في شمال العراق وشرق سوريا ويتم استهدافها.
  3. ترجيح أن تكون إيران وراء الهجوم لعدة أسباب منها تبرير عمل عسكري ضد إدلب أو تصفية حسابات أو حرب نفوذ مع الروس.
  4. ترجيح أن يكون الحدث تفجيراً مدبّراً عبر تفخيخ المكان، وليس عبر مسيّرات.

اتهامات لإيران بالوقوف وراء الهجوم

كتب السياسي يحيى العريضي: “الأمر مبيّت ومخطّط إيرانياً حصراً، وله أهداف كثيرة، والدليل البدء الفوري بقصف عنيف على أكثر من عشرين منطقة في الشمال السوري، سبقه ترويج إعلام إيران وأبواقها عن امتلاك فصائل المعارضة لطائرات مسيّرة، منها صحفي قناة الميادين، حسين مرتضى”.

وفي تصريح لـ أورينت نت قال الباحث في الشأن الإيراني، مصطفى النعيمي: إنَّ هناك سيناريوهين محتملين حول تنفيذ عمليه استهداف الكلية الحربية بالمسيّرات المذخرة، الأول يتمثل في أنَّ المسيّرات الإيرانية هي القادرة على توجيه تلك الضربات من خلال استخدام القذائف الصاروخية المحمولة فيها، وبالتالي يُرجح بأنَّ العملية قد تمَّت عبر “مسيَّرات إيرانية من طراز شاهد 136 التي استخدمت في الحرب الأوكرانية”.

أمّا السيناريو الآخر المستبعد، فهو اتهام أسد فصائل المعارضة بأنَّهم نفذوا الهجوم، ولكن ما زال المشهد يفتقد لأبسط معايير الإعلام نظراً لأنَّ ميليشيا أسد لم تنشر أيّ صور لبقايا حطام المسيّرة، فضلاً عن كون المعارضة لا تملك هذه القدرات، فالمسافة التي يجب أن تقطعها المسيّرات يفوق مداها 130 كم، مشيراً إلى أنَّ سيطرة المعارضة في إدلب ثابتة وسهل قصفها، بينما تنظيم داعش ليس لديه مناطق ثابتة يسيطر عليها فمن الصعوبة استهدافه.

بدوره، الرائد أنس حجي يحيى، المتواجد بريف حلب الشمالي، ذكر لـ أورينت نت، أنَّ إيران تقف وراء الهجوم، لوجود خلاف تركي – إيراني على موضوع سكة الحديد والمعارك في أذربيجان وأرمينيا، وهناك محاولات حثيثة من الإيرانيين بشكل دائم لتخريب أيّ اتفاق روسي – تركي، وهي كالعادة ليست طرفاً ضمن هذه الاتفاقات مما يستدعي تخريبها عبر عدّة مكائد أمنية.

كذلك أكد العقيد مالك كردي، عبر صفحته على فيسبوك: أنَّ “ميليشيات الحرس الثوري الايراني وبالتنسيق مع مسؤولين عسكريين سوريين هم من نفذوا هذه الضربة المدانة والتي راح ضحيتها مدنيين أضعاف العسكريين”.

 تفجير مفخخات مدبّر

حسب وقائع الحادثة، فإنَّ العمل أقرب ما يكون تفجيراً قرب المنصة الرئيسية التي يجلس عليها الضيوف ومنهم وزير الدفاع ومحافظ حمص وملاحق عسكريين لدول منها إيران وروسيا ومصر، كما المعتاد في نهاية الحفل يُغادر الضيوف المنصة ويلتحم الأهالي مع الخريجين، وفقاً للمحلل العسكري العقيد عبد الجبار العكيدي.

السؤال الحاسم

وقال “العكيدي” لـ أورينت نت: إنَّ ميليشيا أسد تدّعي أنَّه قصف مسيّرة، ولكن السؤال الحاسم هو أين الأداة التنفيذية؟ أين بقايا مسيّرات؟؛ غير موجود، مؤكداً أنَّه تفجير مدروس بعناية ودقة حسب التوقيت بعد مغادرة الضيوف المهمّين، وأداة التفجير غير معروفة، وهناك حرائق ناتجة غالباً عن قنابل بلاستيكية ذات حشوة فسفورية حارقة، فضلاً عن عدم وجود تهدّم بسقف وجداريات المنصة.

واستبعد العقيد، وقوف داعش أو النصرة وراءه، خاصة إن كان بمسيّرات، فالكلية الحربية محصنّة بقطع عسكرية من بينها 3 كتائب رادار ودفاع جوّي قادرة على كشف أيّ مسيّرة قادمة سواء من البادية أو إدلب لبعد المسافة، وبالعادة قبل يومين من الحفل يعسكر في الكلية عناصر الأمن العسكري، وتبدأ حراسة المنصة قبل 24 ساعة من موعد الحفل.

لذلك يُمكن أن يكون التفجير إمّا اختراقاً أو من النظام المأزوم، فمن جهة محافظة السويداء خرجت عن سيطرته، ومن جهة أخرى يزيد التململ من الحاضنة العلوية بعد مؤشرات فقدان الثقة، فالتفجير حسب “العكيدي”، يعدُّ “رسالة تخويفية لهم، وكسب تعاطف من الرأي العام”، كما إنَّ قصفه لإدلب مباشرةً دليل واضح على أنَّه حدّد أهدافه مسبقاً كونه حدّد الفاعل بوقت مبكر.

وفي ذات السياق، يرى الرائد الطيّار يوسف حمود، أنَّه بعد متابعة التسجيلات المصوّرة، لوحظ التأثير الواسع والمختلف بالقوّة وبالأثر بين عدة مواقع في الساحة، وحالات البتر للأطراف السفلية كثيرة، وكلّها تدل أنَّ هناك تفخيخ متعدّد ومحدود ومنتشر بعدة مواقع على كامل المساحة، من الممكن أن يكون في سلال الورد وأحواض الزرع حتى أعمدة المنصة يُمكن تفخيخها، كما إنَّ كلّ الآثار هي بالقرب من المنصة وخاصة قرب الجدار.

ولا يستبعد “حمود” في حديثه مع أورينت نت نزول مسيّرة انتحارية لشد الانتباه وإبعاد التحليلات عن التفجير الحقيقي، الذي أعدته مخابرات الأسد ومستشارو الحرس الثوري الإيراني، وفق معادلة البحث عن المستفيد الأول في تحليل أيّ حدث، مضيفاً: حتى السرعة في اتهام القوى العسكرية في إدلب وسرعة الرد عبر حملة القصف الشديدة على المدنيين هناك، أكدت بأنَّ المستفيد متعجّل لجني ثمار فعلته والاستثمار السياسي فيها.

كذلك، قال الدكتور والسياسي الحمصي، ناصر النقري، في فيديو على صفحته في فيسبوك: إنَّ ميليشيا حزب اللبناني تقف وراء الهجوم، وهناك معلومات عن 6 إرهابيين دخلوا من لبنان وشاركوا في إطلاق النار على الضباط الخريجين، هناك أعيرة الدوشكا سقطت في المكان، وهناك مفخخات انفجرت في مدرجات الكلية.

وأضاف “النقري”: هناك تواطؤ مباشر من داخل الكلية الحربية في حمص، لاستهداف الضباط الجدد وذويهم، وقد تم ترتيب هذا الأمر بمعرفة رئيس فرع المخابرات العسكرية، ورئيس فرع المخابرات الجوية في حمص.

التوقيت تزامن مع ثلاثة أحداث

المحامي عبد الناصر حوشان، أشار في حديثه لـ أورينت نت إلى التوقيت المُريب لوقوع تفجير الكلية الحربية، وسط جمود على المستوى السياسي، والذي تزامن مع ثلاثة أحداث.

  1. قرب انعقاد جلسة محكمة العدل الدوليّة التي أقامتها حكومتا كندا وهولندا ضد نظام أسد لعدم التزامه بالاتفاقيّات الدوليّة، وتنفيذ الالتزامات التي تفرضها اتفاقيّات حظر التعذيب وحماية الأشخاص من الاختفاء القسري والاتفاقيّة الدوليّة لحظر الأسلحة الكيميائيّة.
  2. ارتفاع وتيرة الاحتجاجات في السويداء ورفع شعارات الثورة السوريّة وتحطيم تماثيل حافظ أسد وإغلاق مقرّات حزب البعث وتلاحم مشايخ العقل وكافة فئات المجتمع في المحافظة مع الثوار والاتصالات الدوليّة من مسؤولين رفيعي المستوى مع الشيخ حكمت الهجري لدعمه ودعم الثورة في المحافظة.
  3. التهديدات التركيّة بشنّ عملية عسكريّة بريّة ضد التنظيمات التابعة لحزب العمال الكردستاني شرق الفرات ردّاً على العمليّة الإرهابيّة التي قامت بها في أنقرة، الأحد الماضي، ما سيؤدّي إلى نزع ورقة هذه التنظيمات من يد الأسد باعتبارها رأس حربته في مواجهة تركيا.

في حين، استبعد الناشط في السويداء، مهند شهاب الدين، أن يكون تفجير الكلية الحربية رسالة لأهل السويداء، إنَّما رسالة من إيران لنظام أسد “حربهم قد بدأت”، مضيفاً لـ أورينت نت: “يكفي أن نقف دقيقة صمت على أرواحهم في ساحة الكرامة، الجمعة، وأن نحمّل النظام وإيران مسؤولية المجزرة لأنّهما المستفيدان الوحيدان منها”.

إلى ذلك، ذكر الناشط الحمصي محمد بهاء الدين المقيم في عفرين لـ”أورينت نت”، أنَّ إعلان ميليشيا أسد عن حداد على أرواح ضحايا الكلية الحربية لمدة ثلاثة أيام، هو “رسالة ومؤشر خطير جداً”، ينذر بأنّنا أمام هجمة شرسة سيقوم بها ضد المدنيين في الشمال السوري، أو تنفيذ تفجيرات في السويداء لأنَّ الحداد لم تعلنه الميليشيا من قبل، لكنه اليوم في وضع محرج داخلياً وخارجياً، لذلك هو المسؤول عما حصل دون أدنى شك.

وأكد محمد سرميني، مدير مركز “جسور” للدراسات، أنَّ نظام أسد هو المستفيد الأول، وفي الغالب فإنّه سيسعى في الأيام المقبلة للتحشيد الكبير سياسياً وإعلامياً، من أجل الدفع باتجاه عمل عسكري تجاه الشمال السوري، بحيث يتحول التركيز الشعبي نحوها، بدلاً من التركيز على الجنوب.

في حين اعتبرت الصحفية صبا مدور، أنَّ النظام ‏لا يحتاج لخلق أسباب ومبررات لقصف المناطق الخارجة عن سيطرته، لكن الواضح أنّ ثمة تصفية حساب داخلي بين أجنحة الأسد، وأنَّ التفجير تم بتخطيط وتنفيذ أياد صديقة.

بينما رأى الصحفي عقيل حسين، أنَّ الهدف خلط الأوراق وضرب الترتيبات الأمريكية – العربية التي تمثل الخطة B من مبادرة الخطوة مقابل خطوة.

من جانبه، ذكر السياسي، أيمن عبد النور، أنَّ الأسد في الأوقات الحرجة لاستمراره دائماً يحصل أمر يُخفف الضغط عليه ويحرّف أنظار الإعلام لاتجاه آخر، ويمهّد له الطريق لتصعيد كبير باستخدام السلاح.

المصدر أورينت
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل