تداولت معرفات رديفة لـ “هيئة تحرير الشام”، على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، صوراً ومقاطع فيديو، تظهر عناصر من الجيش الوطني السوري “الفيلق الثاني”، وقعوا أسرى بيد حلفاء “الهيئة” خلال الاشتباكات التي شهدتها مناطق شمالي حلب، متباهية في إذلال الأسرى والعناصر، في سقطة أخلاقية جديدة لعناصر “الجولاني” التي تظهر حقدهم على كل أبناء الثورة.
وتظهر الفيديوهات والصور المتداولة، عناصر من الجيش الوطني، وقعوا أسرى بيد عناصر “هيئة تحرير الشام” وحلفائهم، خلال مواجهات عنيفة شهدتها عدة مناطق بريف حلب الشمالي، ظهر الأسرى بحالة مزرية، وقد تعرضوا للضرب والسحل والإهانة، وتم تصويرهم بغرض إذلالهم، ونشر هذه الصور على معرفات رديفة للهيئة، للتباهي بانتصارهم.
كما تم تداول فيديو، عبر أحد المعرفات الرديفة للهيئة، يظهر مجموعة من عناصر الجيش الوطني الأسرى، وقم تم جمعهم في غرفة متسخة، وبجانبهم دورات المياه “تواليت”، وتم توجيه إهانات وتوبيخ لهم، من قبل عناصر “الجولاني” وحلفائه، في سقطة أخلاقية كبيرةـ أثارت حفيظة النشطاء وأبناء الحراك الثوري.
بالمقابل، تم التداول اليوم عبر مواقع التواصل، مقطع فيديو، لعناصر من “هيئة تحرير الشام” وحلفاء الجولاني في “تجمع الشهباء”، كانوا وقعوا أسرى لدى “الفيلق الثاني” في المواجهات ذاتها، يظهر الفيديو العناصر وهم على مائدة طعام، وقد تم معاملتهم بشكل لائق، ولم تظهر عليهم أي علامات الإهانة أو التعذيب، ليسجل الفيلق نقطة بارزة في التعامل مع الأسرى، خلافاً للسقطة الأخلاقية للهيئة وحلفائها.
واعتبر نشطاء، أن ممارسات عناصر الهيئة، في إهانة وإذلال أبناء ورموز الثورة السورية ليست بجديدة، فلم يكتفوا بالبغي على فصائل الجيش الوطني، وخلق التبريرات لحملتهم، وترهيب المدنيين وأسر العناصر، بل كان نشر تلك الصور المهينة مقصوداً في سياق الحرب الإعلامية التي تتزامن مع كل حملة بغي عسكرية.
وفي شهر أيلول عام ٢٠٢٢، تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعاً مصوراً بكاميرا صادرتها عناصر “هيئة تحرير الشام” من أحد النشطاء المعتدى عليهم في باب الهوى، كشفت عن كلام مسيء من قبل أحد الأمنيين بحق الحراك النشطاء والحراك الشعبي عامة، مطالبين بمحاسبته.
وتضمن التسجيل الذي التقطته الكاميرا بالصوت والصورة، خلال محاولة عناصر “الهيئة” إطفائها بعد مصادرتها من ناشط اعتدت عليه، يقول فيها “يلعن أبوه على أبو ثورتو” في إشارة للناشط، وللثورة السورية عموماً، في مشهد ليس بجديد على عقلية أمنيي “الجولاني”، والذين يكررون في كل مرة إهانة رموز الثورة، دون رادع.
ولاقى التسجيل انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، ترافق ذلك مع حالة استهجان كبيرة لتصرفات أمنيي “الهيئة” المتكررة، بحق النشطاء والفعاليات الشعبية، ليس آخرها التعدي عليهم في منطقة باب الهوى، من ضرب للمحتجين والنشطاء الإعلاميين والإساءة لهم، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل طال كل الحراك الشعبي بكلمات التقطتها عدسة الكاميرا بدون أي يدرك أمنيي الهيئة أنها تسجل لهم.
وسبق أن أثار مقطع فيديو آخر، يظهر أحد عناصر “هيئة تحرير الشام”، يقوم بإهانة “علم الثورة السورية” من خلال الدعس عليه، حفيظة نشطاء الحراك الثوري السوري، مستنكرين استمرار ذات النهج لعناصر “الجولاني” في حقدهم على أبناء الثورة ورموزها، في وقت حاول أزلام الهيئة و أبواقها التملص وإنكار الجريمة ونفي مسؤوليتهم عنها.
ولم يكن يتحرج عناصر “الجولاني”، من إهانة “علم الثورة السورية”، من خلال تمزيقه أو تشويه أي جدارية تتضمنه أو الدعس عليه علانية، إضافة لتخوين كل من يرفع هذا العلم، رغم أن “هيئة الجولاني” منعت رفعه لسنوات في مدينة إدلب، قبل سلسلة التحولات التي اتخذتها لتتبني الحراك وتبدأ مرحلة التسلق على حساب أبناء الثورة ورايتها.
في عام 2019، وقبل التحولات التي انتهجتها “هيئة الجولاني”، سربت عبر مواقع التواصل، صورة تظهر عناصر من “هيئة تحرير الشام” تدهس على علم الثورة السورية بعد سيطرتهم على أحد مقرات فصائل المعارضة في ريف حلب الغربي، ورغم أن وجوه العناصر كانت وضحة سارع مرقعي وأبواق الهيئة لإنكار الحادثة، ومنهم من قال إنها قديمة وبررها بأخطاء فردية، دون الاكتراث لما تحمله الصورة من إساءة للحراك الثوري السوري سواء كانت قديمة أو حديثة.
كما سبق أن تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لدوار المحراب في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة الهيئة، تظهر تشويه علم الثورة السورية من قبل مجهولين، من خلال رشه بطلاء أسود، بعد أقل من أسبوع على رسم لوحة جدارية بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة السورية، آنذاك، أثارت استياء واسع بين فعاليات الحراك الثوري.
علاوة على ذلك، فإن حكومة “الإنقاذ” الذراع المدنية لـ “هيئة تحرر الشام”، لم تقبل حتى اليوم براية الثورة السورية، ولم تعتمدها كراية رسمية في دوائرها المدنية، بل قامت باعتماد الراية المعدلة التي تبنتها “الهيئة التأسيسية” التابعة لهيئة تحرير الشام والمنبثقة عما سمي بالمؤتمر السوري العام، وهي علم “معدل” عن العلم الأصلي، بإزالة النجم الحمراء من الوسط وإضافة كلمة “لا إله إلا الله، محمد رسول الله”.
وينتاب المتابع لتصرفات “هيئة تحرير الشام” ومؤسساتها المدنية المصطنعة حالة من الذهول للوهلة الأولى من سلسلة التغيرات التي تنتهجها تحرير الشام بشكل متتابع لتهدم كل الأفكار والشعارات التي رفعتها وتعود لتتبنى ما حاربته وسفكت لأجله الدماء وأنهت بموجبه فصائل كانت تقاتل النظام بتهم العمالة والعلمانية والتعامل مع الخارج.
يبرر أنصار تحرير الشام هذا الانقلاب على الذات والشعارات التي أطلقتها سابقاً بأنها لضرورة المرحلة، مع ملاحظة تغير التوجه بشكل كبير للهيئة في الخطاب السياسي وفي الخطاب الداخلي تجاه الثورة والثوار واعتبار نفسها جزء من الثورة السورية وصل الأمر لرفع أنصارها علم الثورة السورية عبر حساباتهم وكثير من المواضع، بعد أن كان علماً علمانياً محارباً سفكت دماء لأجل رفعه.
هذه التحولات الكبيرة التي تطال بنية تحرير الشام، رسمت بداية تحول كبيرة في الشكل مع استمرار نفس الممارسات، في ظل مساعيها لطمس هوية الثورة السورية انطلاقاً من علمها ورايتها التي لم تغب عن أي مظاهرة للحراك الشعبي، وتغليب للمصلحة الذاتية وتقرب من الحراك لتبني توجهاته في محاولة التفاف جديدة تضمن لنفسها البقاء.
Sorry Comments are closed